تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الخبائث، والوقوع فى شئ من المفاسد، ومعلوم من أمر القات أنه يؤثر على الصحة البدنية، فيحطم الأضراس ويهيج الباسور، ويفسد المعدة ويضعف شهية الأكل ويدر السلاس - وهو الودى - وربما أهلك الصلب وأضعف المنى وأظهر الهزال، وسبب القبض المزمن ومرض الكلى، وأولاد صاحب القات غالباً يخرجون ضعاف البنية صغار الأجسام قصار القامة، قليل دمهم مصابين بعدة أمراض خبيثة.

وإنهم ليجتمعون على أكله من منتصف النهار إلى غروب الشمس وربما استمر الاجتماع إلى منتصف الليل يأكلون الشجر، ويفرون أعراض الغائبين، ويخوضون فى كل باطل، ويتكلمون فيما لا يعنيهم، ويزعم بعضهم أنه يستعين به على قيام الليل، وأنه قوت الصالحين، ويقولون جاء به الخضر من جبل قاف للملك ذى القرنين، ويرون فيه من الحكايات والأقاصيص شيئاً كثيراً

ومن الشيوخ الذين قضى القات على أضراسهم من يدقه ويطرب لسماع صوت المدق ثم يلوكه ويمص ماءه، وقد يجففونه ثم يحملونهم معهم فى أ سفارهم، و إذا رأهم من لا يعرف القات سخر منهم وضحك منهم وإن أحد المصريين ليقول فى قصيدته يهجو بها اليمنيين.

فقد نقل العلامة ابن حجر الهيثمى رحمه الله تعالى عن أبى بكر بن إبراهيم المقرى الحرازى الفقيه أنه قال فى مؤلف له فى تحريم القات: كنت آكلها فى سن الشباب ثم اعتقد تها من المشتبهات وقد قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " ثم إنى رأيت من أكلها الضرر فى بدنى ودينى فتركت أكلها فقد ذكر العلماء رضى الله تبارك وتعالى عنهم أن المضرات من أشهر المحرمات، فمن ضررها أن آكلها يرتاح ويطرب وتطيب نفسه ويذهب حزنه ثم يعتريه قدر ساعتين من أكله هموم متراكمة وغموم متزاحمة وسوء أخلاق وكنت فى هذه الحالة إذا قرأ علىّ أحد يشق على مراجعته، وأرى مراجعته جبلاً، وأرى لذلك مشقة عظيمة ومللاً، وأنه يذهب بشهوة الطعام ولذته، ويطرد النوم ونعمته، ومن ضرره فى البدن أنه يخرج من أكله بعد البول شيئ كالودى، ولا ينقطع إلا بعد حين وطالما أتوضأ فأحس بشئ منه فأعيد الوضوء وتارة أحس به فى الصلاة فأقطعها أو عقب الصلاة بحيث أتحقق خروجه فيها فأعيدها وسألت كثيرأ ممن يأكلها فذكروا ذلك عنها وهذه مصيبة فى الدين وبلية على المسلمين وحدثنى عبد الله بن يوسف المقرى عن العلامة يوسف بن يونس المقرى أنه كان يقول: ظهر القات فى زمن فقهاء لا يجسرون على تحريم ولا تحليل، ولو ظهر فى زمن الفقهاء المتقدمين لحرموه، ودخل عراقى اليمن وكان يسمى الفقيه إبراهيم وكان يجهر بتحريم القات وينكر على آكليه، وذكر أنه إنما حرمه على ما وصف له من أحوال مستعمليه ثم إنه أكله مرة أومراراً لاختباره قال فجزمت بتحريمه لضرره وإسكاره، وكان يقول ما يخرج عقب البول له بسببه منّى ثم اجتمعت به فقلت له: نسمع عنك أنك تحرم القات قال نعم فقلت و ما الدليل؟ فقال: ضرره وإسكاره، فضرره ظاهر وأما إسكاره فهل هو مطرب؟ فقلت: نعم فقال: قالت الشافعية وغيرهم فى الرد على الحنفية فى إباحتهم ما لم يسكر من النبيذ حرام قياساً على الخمر بجامع الشدة المطربة فقلت له: يروون عنك أنك تقول مايخرج عنه منّى وليس فيه شيئ من خواص المنّى فقال: إنه يخرج قبل استحكامه، وكان عمى أحمد بن إبراهيم المقرى - وكان له معرفة بالطب وغيره - يصرح بتحريمه ويقول: إنه مسكر فرأيت أكثر من أكله جن!!

انظر- وفقنى الله وإياك لطاعته - إلى أقوال العلماء الذين أدركوا أضرار القات بالعقل والبدن قبل القرن العاشر الهجرى مع أن أضراره كلها لم تظهر فى ذلك الوقت كما هى ظاهرة فى عصرنا الحاضر؛ لأنه انتشر فى كثير من البلدان وتنوعت طريقة استعماله وطغت مفاسده ونتجت عنه نتائج صحية خبيثة.

وتجدر الإشارة إلى أن ما يفعله القات بعقول متعاطيه يشبه ما تفعله الخمر بعقول شاربيها حيث يرى شارب الخمر فى حال سكره أنه ملك كل ما كان يتمناه من الدنيا .. ... وكذلك ماضغ القات يسبح فى أحلام كاذبة وخيالات فاسدة ويبنى بيوتاً وهمية وقصوراً لا حقيقة لها فى الواقع ولكن سرعان ما تنقشع عنه تلك الأحلام وتتراكم عليه هموم وغموم من كل مكان

وأما الدليل الثانى من السنة فقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: لا ضرر ولا ضرار.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير