فالقات يخل بهذه الأمور الضرورية إخلالاً خطيراً ويهدد كيانها ووجودها، والقات أبو الخبائث كما أن الخمر أم الخبائث.
الفصل الخامس
الرد على من أباح القات
ومن الناس من يتمسك هنا بقاعدة الأصل فى الأشياء الإباحة إلا ما نص الشرع على تحريمه، والرد على هؤلاء أن من علماء أصول الفقه من عكس ذلك فقال: الأصل فى الأشياء الحظر إلا ما جاء الشرع بإباحته والصحيح من قول هؤلاء وهؤلاء التفصيل، فالأصل فى المنافع الإباحة يقول الله تعالى فى معرض الامتنان على عباده " هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعاً " ولايمتن عليهم بما هو محرم عليهم وأما المضار هى ما يؤذى البدن أو العقل أو النفس فالأصل فيها الحظر والتحريم، لقد تحققت فى القات أضرار خطيرة لا يمكن التغاضى عنها فكيف يكون مباحاً؟
ويقول الدكتور عبد الكريم زيدان: الأشياء النافعة من طعام أو شراب أو حيوان أو نبات أو جماد ولا يوجد دليل على تحريمها هى مباحة؛ لأن الإباحة هى الحكم الأصلى لموجودات الكون وإنما يحرم ما يحرم منها بدليل من الشارع لمضرتها والدليل على أن الحكم الأصلى للأشياء النافعة هى الإباحة قوله تعالى ممتناً على عباده: " وسخّر لكم ما فى السموات وما فى الأرض جميعا منه " وقوله تعالى " هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعاً " ولا يتم الامتنان ولا يكون التسخير إلا إذا كان الانتفاع بهذه المخلوقات مباحاً، أما الأشياء الضارة فالأصل فيها التحريم لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم " لا ضر ولا ضرار " وإلى هذا أشار الحاج محمد بن اسعد البوقيسى رحمه الله تعالى بقوله فى منظومته فى أصول الفقه
والأصل فى ذى الضر بعد الشرع ... تحريمه والحل فى ذى النفع
وقد يقول قائل: لم لا يكون القات مباحاً وله إيجابيات، وذلك كونه رابطاً دائم التواصل بين الأصدقاء وهو الوسيلة التى تجمعهم، وبالتالى يكون هذا التجمع وسيلة للمناقشات والحوارات بجانبها المتعددة وكونه ينشط الذاكرة ويذكر الإنسان بما هو منسى ويستعين به على العبادة والخلوة لذكر الله تعالى والقات قوت الأولياء.
الجواب على هذا أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح أى إذا تعارضت مفسدة ومصلحة وجب دفع المفسدة وإن أدى ذلك إلى ضياع المصلحة، وأنه إذا تعارض المانع والمقتضى يقدم المانع أى إذا كان لأمر ما محاذير تقتضى منعه ودواع تقتضى تسويغه والسماح به يرجح منعه.
ومعلوم أن المفاسد التى يسببها القات تطغى بكثير على هذه المنافع الموهومة واشتهر لدى العلماء أنه إذا حدث تعارض بين دليل مبيح ودليل محرِّم فإن المحرِّم يقدم على المبيح، فقال جلال الدين السيوطى رحمه الله تعالى إذا تعارض دليلان أحدهما يقتضى التحريم والآخر الإباحة قدم التحريم فى الأصح.
وقد جاء فى كتاب الموافقات والتعليق عليه - تعليق وشرح الشيخ عبد الله دراز -: إذا ترجح دليل الجواز على دليل المنع راعوا القول بالتحريم تنزها عن الشبهات، فكيف يكون القات مباحاً وقد ترجحت أدلة المنع فيه على دليل الجواز؟!! فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور.
وليس صحيحاً أن القات يعين متعاطيه على العبادة بل بالعكس وترى أغلب من يزاول هذه العادة السيئة لا يحافظ على الصلوات المفروضة فضلاً عن السنن والنوافل، وكثيراً ما يصاحب تعاطيه تضييع أوقات الصلاة وسماع الأغانى والاختلاط بالنساء فى جلسة القات وغير ذلك من المنكرات كما هو معروف فالعبرة للغالب الشائع لا للنادر، والقات قوت أولياء الشيطان وليس قوتاً لأولياء الرحمن.
الفصل السادس:
فتاوى علماء الأمة
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة / الفتوى رقم (2159)
س: مضمونه: إن زراعة القات انتشر بشكل واسع في اليمن، ويطلبان بيان حكم زراعته وبيعه وشرائه.
ج: القات محرم لا يجوز لمسلم أن يتعاطاه أكلا وبيعا وشراء وغيرها من أنواع التصرفات المشروعة في الأموال المباحة، وقد صدر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - فتوى في تحريمه، هذا نصها:
رسالة الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - في تحريم القات: (فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ) 12/ 98 - 105.
¥