تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها: أنه شارك كل المسكرات في حقيقة الإسكار وسببه من التخدير وإظهار الدم وترقيقه ظاهر البشرة مع نبذ الدسومة من الدماغ والجسد إلى الظاهر، وليس فيه حرارة ولين يبدلان ما نبذه من الحرارة واللين إلى ظاهر الجسد بخلاف الخمر والحشيش؛ فهذا أكثر ضررا.

إلى أن قال: وقال بعض مدرسي الحنفية: زرت بعض متصوفة اليمن بالمسجد الحرام فأعطاني قليلا من القات، وقال لي: تبرك بأكل هذا فإنه مبارك. فأكلت منه فوجدت فيه تخديرا، فذكرت له

كلام من ينفي ذلك، فقال: إن عندي معرفة بالطب وبدني معتدل المزاج والطبع فالذي أدركه بواسطة ذلك لا يدركه غيري، وقد أدركت منه التخدير ودوران الرأس، ولا أعود لأكله أبدا.

كذلك قال بعض الأشراف: إن فيه غيبة عن الحس، وإنه استعمله فغاب مدة طويلة لا يدري السماء من الأرض، ولا الطول من العرض. هذا كله كلام ابن حجر في (تحذير الثقات عن استعمال الكفتة والقات).

وقال أيضا فيه في الكلام على الحشيشة وجوزة الطيب: وهذا يستدعي ذكر أوصافهما لتقاس بهما شجرة القات، ثم ذكر أنه استفتي عن جوزة الطيب فأفتى بتحريمها لإسكارها كالحشيشة. ثم قال: فثبت بما تقرر أنها حرام عند الأئمة الأربعة: الشافعية والمالكية والحنابلة بالنص، والحنفية بالاقتضاء .. إلى أن قال: وذلك أن الإسكار يطلق ويراد به مطلق تغطية العقل، وهذا إطلاق أعم، ويطلق ويراد تغطية العقل مع نشوة وطرب. وهذا إطلاق أخص، وهو المراد من الإسكار حيث أطلق. فعلى الإطلاق الأول بين المسكر والمخدر عموم مطلق؛ إذ كل مخدر مسكر، وليس كل مسكر مخدر.

فإطلاق الإسكار على الحشيشة والجوزة ونحوهما المراد منه التخدير، ومن نفاه عنهما أراد به معناه الأخص. وتحقيقه: أن من

شأن السكر بنحو الخمر أنه يتولد عنه النشوة والطرب والعربدة والغضب والحمية .. ومن شأن السكر بنحو الحشيشة والجوزة: أنه يتولد عنه ضد ذلك من تخدير البدن وفتوره ومن طول السكوت والنوم وعدم الحمية .. إلى أن قال: انتهى جوابي في الجوزة، وهو مشتمل على نفائس تتعلق بهذا القات،. بل هو ظاهر في حرمة القات؛ لأن الناس مختلفون في تأثير الجوزة؛ فبعض آكليها يثبت لها تخديرا، وبعضهم لا يثبت لها ذلك. فإذا حرمها الأئمة مع اختلاف آكليها فليحرموا القات ولا نظر للاختلاف في تأثيره. انتهى كلام ابن حجر - رحمه الله -.

وقد استقصى صفات القات ووصفه بصفات المسكر المضر بالعقل والأديان والأبدان. وصرح في بعض عباراته بالمنع والنهي، والتحذير، بل والتحريم. وجبن في موضع آخر عن إطلاق التحريم. فإما أن يكون ذلك توقفا منه وتأدبا لعدم وقوفه على نص في ذلك، أو أنه قوي على القول بالتحريم بعد ذلك.

وقال الشيخ محمد بن سالم البيحاني في كتابه (إصلاح المجتمع) في الكلام على حديث ابن عمر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: صحيح البخاري المغازي (4087) ,صحيح مسلم الأشربة (1733) ,سنن النسائي الأشربة (5603) ,سنن أبو داود الأشربة (3684) ,سنن ابن ماجه الأشربة (3391) ,مسند أحمد بن حنبل (4/ 417) ,سنن الدارمي الأشربة (2098). كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يشربها في الآخرة رواه البخاري ومسلم، فقال بعده الكلام على هذا الحديث: وهنا أجد مناسبة وفرصة سانحة للحديث عن القات والتنباك، والابتلاء بهما عندنا كثير، وهما من المصائب والأمراض الاجتماعية الفتاكة، وإن لم يكونا من المسكر فضررهما قريب من ضرر الخمر والميسر؛ لما فيهما من ضياع المال، وذهاب الأوقات، والجناية على الصحة، وبهما يقع التشاغل عن الصلاة وكثير من الواجبات المهمة .. إلى أن قال: ومعلوم من القات أنه يؤثر على الصحة البدنية، وحطم الأضراس، ويهيج الباسور، ويفسد المعدة، ويضعف شهية الأكل، ويدر السلاس، وهو: الودي، وربما أهلك الصلب، وأضعف المني، وأظهر الهزال، وسبب القبض المزمن، ومرض الكلى، وأولاد صاحب القات غالبا يخرجون ضعاف البنية، صغار الأجسام، قصار القامة، قليل دمهم، مصابين بعدة أمراض خبيثة، وهذا مع ما يبذل أهله فيه من الأثمان الغالية المحتاج إليها، ولو أنهم صرفوها في الأغذية الطيبة وتربية أولادهم أو تصدقوا بها في سبيل الله- لكان خيرا لهم،

وصدق شاعرنا القائل:

عزمت على ترك التناول للقات صيانة عرضي أن يضيع وأوقاتي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير