تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أكثر المدمنين على أكل القات يتركون الصلاة في أوقاتها جماعةً في المسجد، بل بعضهم قد يترك الصلاة بالكلية بسبب القات وربما تمر الأسابيع والشهور بل والسنين وهو تارك للصلاة والعياذ بالله، مع العلم أن إبليس الرجيم طرد من رحمة الله بسبب سجدة واحدة تركها فما بالك بمن يترك الصلاة كاملة؟ وما بالك بمن يترك الخمس الصلوات في اليوم والليلة؟ وما تلاعب هؤلاء بالصلاة إلا بسبب انشغالهم بأكل القات ـ غالباً ـ وطلبهم للراحة في حد زعمهم (ومعلوم أن الصلاة هي عمود الدين فمن تركها فقد كفر) , ومنهم من يصلي العصر بعد الظهر مباشرة بدون عذر شرعي سوى عذر القات, وهذا لا يجوز شرعاً فقد قال تعالى: ?إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا? وكذلك نجد أن القات يسبب إهمال الأسرة وضياع الأولاد فينحرف سلوكهم وهذا مخالف لما أمر الله به ورسوله عليه الصلاة والسلام , فالأب والأم مسؤولان عن أولادهما قال تعالى: ? يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ? وثبت من حديث ابن عمر في الصحيحين أن النبي ? قال: ((كُلُّكم راعٍ وكُلُّكم مسؤولٌ عن رعيته ... )) الحديث. ومن أضراره أيضاً أنه يذكي شهوة الغيبة والنميمة والنيل من أعراض المسلمين في مجالس القات، وهذا محرّم في دين الإسلام.

2ـ الأضرار البدنية:

منها أن آكلي القات والمدمنين عليه يصابون بالضعف الجنسي، وركاكة الأولاد، وضعف الشهية، والإمساك المزمن، والسهر، وتحطيم الأضراس والأسنان، وهزالة الجسم، واصفرار الوجه، والسلس البولي (الودي)، ومنها أن بعض آكلي القات يصابون بكثرة الوساوس والشكوك وبالذات حراّس القات وربما وصل بهم الأمر إلى حد الجنون، وهذا الأمر معروف لديّ بسبب معالجتي للمصابين بالمس الشيطاني والسحر، إلى غير ذلك من الأضرار التي لا تخفى على أحد.

3ـ الأضرار المالية:

لاشك أن أضرار القات المادية يعرفها الجميع حيث إن الشخص قد يحرم أولاده من القوت الضروري من أجل شراء القات وقد قال رسول الله ?: ((كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يقوت)) من حديث عبدالله بن عمرو عند أحمد وأبي داود وغيرهما وحسنه الألباني في صحيح الجامع، ومنهم من تتراكم عليه الديون الكثيرة فلا يستطيع قضاءها حتى صار مشهورا عند من يعرفونه أنه مطّال فلا يجد من يقرضه لشراء رغيف من الخبز, بل إن بعضهم يضطر إلى بيع أثاث بيته من أجل شراء القات.

فالقات سَبَبٌ للفقر وهو مضيعة للأموال, فمهما بلغ دخل الشخص من المال فإنه يذهب معظمه في شراء القات، ولذلك فإن المخزّن تزداد حالته من سيء إلى أسوأ خاصةً في أيامنا هذه مع وجود الغلاء وارتفاع الأسعار فيصاب الشخص بالهم والغم والضيق، والمخزّن الذي بهذه الحالة لا يستحق أن يرحم من قبل الغير لأنه لم يرحم نفسه أولاً بترك أكل هذه الشجرة الخبيثة المدمرة له ولأسرته.

وهذه الأضرار الخاصة قد تجتمع في الشخص كلها، وواحد من هذه الأضرار كافٍ للابتعاد عن القات وبغضه والتحذير منه، وهذا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

والمتعاطون للقات بعد انتهائهم من أكله يسبّونه سباًّ فضيعاً ومن ذلك قولهم: (القات من أخبث الأشجار) وهذا الحكم وإن كان فيه شيء من التجاوز إلا أنه دليل على إحساسهم وشعورهم بشدة إضراره بهم، ولكنهم مع ذلك لا يستطيعون أن يتركوه يوماً واحداً خضوعاً لشهواتهم وأهوائهم، بل بعضهم قد يحلف الأيمان المغلّظة أنه ما يأكل القات مرةً

أخرى ثم يعود لأكله وينقض يمينه وهو غير مبالٍ والعياذ بالله.

وعلى ضوء ما سبق ندرك جميعاً عظمة هذا الدين وأن الله عز وجل لا يحذّر من شيء إلا لما فيه من الضرر والفساد على العباد.

وهذه الفتوى قلتها من باب النصح وإبراء الذمة ونأمل أن يستفيد منها وينتفع بها الباحث عن الحق والصواب، وهذا ما يجعلنا نأمل حصول الخير الكثير في مجتمعنا لأننا نجد أن الحق له قبول في أوساط الناس المنصفين، وأما المكابرون والمعاندون فلو تناطحت الجبال بين أيديهم ما ترك أحدهم باطله إلا أن يشاء الله، بل ولا يعترف بالحق فضلاً عن أن يتبعه؛ وأسرع الناس استجابةً هو من كان يحب سلامة دينه وصلاح نفسه وكمال سنِّيّته، فأصحاب المصالح والأهواء لا يقبلون الأدلة إذا خالفت مصالحهم وأهواءهم، فالشجاع حقاًّ هو الذي يقبل الحق ولا يبالي بمن تأخر من الناس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير