والملامة تكون على الرجل الذي عاش مدة يهز المنابر ويرتفع صوته وتنتفخ أوداجه محذراً من أكل القات وفجأةً إذا به يأكله مع الآكلين ويضيِّع أوقاته مع المضيّعين، فيا لها من خسارة.
ونصيحتي لكل مسلم أن يلتزم بمنهج أهل السنة والجماعة عقيدةً ومنهاجاً وخلقاً في المأكل والمشرب والعداوة والحب والرضا والسخط وفي كل شؤون الحياة.
وهنا سؤال يردد وهو: هل يجوز للشخص أن يحلف على ترك أكل القات؟
الجواب: لا يجوز هذا لأمرين:
الأمر الأول: أن الأصل أن يترك المسلم المعاصي بالعزم والصدق مع الله ويستعين على ذلك بالدعاء والتعاون مع إخوانه، وهذا عهد بينه وبين الله أن يسمع الحق فيقبله قال الله: ?واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إنّ الله عليمٌ بذات الصدور? المائدة، أمّا كون الرسول صلى الله عليه وسلم يبايع الأمة على ترك المعاصي كقوله صلى الله عليه وسلم: ((بايعوني على ألاّ تشركوا بالله شيئاً ... )) الحديث’ فهذا خاصٌّ به عليه الصلاة والسلام وبكل إمامٍ للمسلمين.
الأمر الثاني: قد عُلم أن الغالب على من يحلف على ترك القات أو غيره من المعاصي أنهم ينقضون عهدهم وبالذات آكلي القات لشدة تمسكهم به وتوقان أنفسهم إليه، وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز الحلف لأنه يكون قد خفر ذمة الله كما جاء من حديث بريده عند مسلم وغيره في وصيته صلى الله عليه وسلم لأمير السريّة والحديث طويل وفيه: ((وإن حاصرتَ أهل حصنٍ فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله)) فعلى المسلم أن يجاهد نفسه على ترك المعاصي والإقبال على الطاعات والله هو الميسّر والمعين.
سؤال آخر: إذا حلف الشخص ثم نقض يمينه هل عليه كفارة؟
الجواب: عليه كفارة لأنه بقدرته أن يلتزم ويبقى على ما حلف عليه ولكن تنازلاً مع شهواته ينقض الأيمان ولو بعد توكيدها، فدل هذا على أن عليه كفارة مع بقاء الإثم عليه بسبب رجوعه إلى المعصية بل يكون الإثم أشد.
تنبيه:
هناك ادِّعاءات على أن القات فيه علاج لمرض السكر، وهذه الادِّعاءات مجرّدة عن الدليل، وقد أثبتت البحوث الطبية عدم حصول هذا ومن ذلك بحث قامت به جامعة صنعاء وغيرها نفوا فيه حصول ذلك، وعلى سبيل الافتراض أن القات فيه علاج لمرض السكر فهل هذا مسوِّغٌ لأكله لمن ليس بمصاب بهذا المرض؟ بلا شك: لا.
وقد أفتى بتحريم القات علماء كثيرون منهم الشيخ/ أحمد بن حجر الهيتمي (974هـ) في كتابه: (تحذير الثقات من أكل الكفتة والقات)، والفقيه أبو بكر بن إبراهيم المقري الحرازي الشافعي في كتابه (تحريم القات)، والشيخ/ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ/ عبد العزيز بن باز، والشيخ/ أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني وعلماء آخرون؛
وأما الشيخ/ مقبل بن هادي الوادعي فقد وافق على هذه الفتوى. وقد ألِّفت الكتب الكثيرة في تحريم القات وذكر أضراره ومفاسده منها: كتاب (كشف الشبهات عن أضرار القات) للدكتور/ إبراهيم بن عباس، وكتاب (القات) للدكتور/ المرزوقي والدكتور/ أبوخطوة، وكتاب (شهادات الثقات على أضرار القات) للشيخ/عائض بن علي مسمار، وكتاب (القات والمجتمع) لأبي إبراهيم الطيري.
ملاحظة: لم نذكر جميع الشبهات والرد عليها هنا لأن هذه عبارة عن فتوى وليست كتاباً، نسأل الله أن ينفع بها وأن يجعلها خالصةً لوجهه الكريم، والحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وكتبه/ أبو نصر محمد بن عبد الله الإمام
ثمن القات محرم
رقم الفتوى: 37987 تاريخ الفتوى: 02 شعبان 1424/ 29 - 09 - 2003
السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... وبعد: أنا شاب أكرمني الله بنعمة الهداية وأحمد الله، لكنني كنت أتعاطى القات وأشتريه يوميا وأستدين القات وبقيت علي ديون لأصحاب القات، فهل أسددها علماً بأنهم يبيعون ويشترون بها القات؟ وأرجو توضيح حكم القات؟ ولا تنسونا في دعواتكم، وجزاكم الله خيراً.
الفتوى: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان علماء المسلمين قد اختلفوا قديماً في حكم القات فإنهم اليوم ومعهم الأطباء أكثر من ذي قبل على تحريم القات، نظراً لما يسببه من أضرار واضحة على الفرد والمجتمع ...
¥