تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قالت ذهب يستعذب لنا من الماء إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وصاحبيه ثم قال الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني قال فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب فقال كلوا من هذه وأخذ المدية فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {إياك والحلوب} فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما {والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم}.

وتضطرّ الحاجةُ رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهو أكرم خلق الله على الله أن يقترضَ من صحابته , ثمّ لا ينسى إذا أدى ما عليه من دين أن يذكر لهم منتهم وجميلهم ويكافئهم بدعاء الله لهم , وكيف لا يكون كذلك وهو القائل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {من لا يشكر الناس لا يشكر الله}.

ثبت عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيما رواه أبو ربيعة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال {استقرض مني النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ألفا فجاءه مال فدفعه الي وقال بارك الله لك في أهلك ومالك إنما جزاء السلف الحمد والأداء}

وبعضنا اليومَ ربّما عاب على الأغنياء والموسرين استردادهم للدين منه , ويكون جزاء إحسانهم وقرضهم له أن يقع فيهم ويذمهم والعياذ بالله.

ومع ما كان عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من قلة متاع الدنيا فقد كان يختلف كثيراً عن بعض فقراء اليوم وإن كانوا من الصالحين ,فعينه لا تتطلع إلى ما منّ الله به عليهم , ولا يذمُّ الناس لمجرد غناهم , وهذه هي القناعة التي من أوتيها فقد أوتي خيراً كثيراً.

قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه}

قال بعض أهل العلم: الكفاف هو الذي لا يزيد عن حاجة الإنسان ولا ينقص , وما دونه الفقرُ وما أكثر منه الغنى ,وحال الكفاف أفضل من الغنى والفقر.

قلت: لربما وُجِد اليومَ الكثيرُ من الفقراء والمحتاجين الذين قُدرت عليهم أرزاقهم , لكنَّ أهل القناعة الراضين المتبعين لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في هذه السُنة وهذا الخلق قليلٌ قليلٌ.

فحريٌ بخلق شهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للمتخلق به بالفلاح أن يدرب أحدنا عليه نفسه ويلزمها إياه.

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[08 - 05 - 08, 06:14 م]ـ

ولكَ يا عبد الله وأنت تظن بنفسك الفقر والحاجة أو تظن بها الزهدَ والتخفف من الدنيا أن تحسب لي الأيام التي مضت من عمرك ولم تتناول فيها وجبتين على الأقل أو ثلاثا أو أربعاً.؟

لا أريد إجابتك بقدر ما أريدك أن تعلمَ أيها الفاضل أن تعلم أنه ثبت عن سهل بن سعد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال ما شبع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في يوم شبعتين حتى فارق الدنيا.!

وصحَّ عن أنس بن مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يجتمع له غداء ولا عشاء من خبز ولحم الا على ضفف.!

والضفف قيل إنه الندرة والقلة والضيق , أي لم يجتمع له في يوم واحد الشبعُ من غداءٍ وعشاءٍ كما هو حال أكثرنا اليوم إلا على قلة وضيقٍ بحيث تكثر أيدي الآكلين من هذا الطعام ويقل عن كفايتهم.

وصحَّ عن أهله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنهم يبيتون الليالي المتتالية طاوين لا يجدون عشاءاً.!

وإنّ تقليبك لناظريك في مطبخك أو أقرب مطبخ لك يا عبد الله لتجسد لك الفارق بينك وبين مدخّرات بيوت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الأطعمة , ولك أن تسأل نفسك حينئذ أمُنعها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومُنحتَها لكرامة منك على الله.؟

في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت توفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطرٌ من شعير في رَف لي فأكلت منه حتى طال علي فكِلتُه ففنيَ.!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير