ألبانهم وشيئا من الشعير فنجشه قالت {تعجبُ!! فو الذي بعثه بالحق ما رأى المناخل بعينه حتى قبضه الله عزوجل صلى الله عليه}
قال في القاموس: (جَشَشْتُ الشَّيءَ أَجُشُّهُ جَشَّاً: دَقَقْتُهُ وَكَسَرْتُهُ)
وبعضنا - لا أشبع الله بطنه - لا يذكر يوماً في عمره مضى عليه دون أن يعلف كما يعلف البعير , ومع ذلك لا يشكر الله نعمتَه بل يبعثه إنعامُ الله عليه على الفتوَّة والزيادة في الغفلة والعصيان , فويلٌ لأولئك إن قبضهم الله وهم كذلك.
وبعضنا خصوصا مع دخول رمضان لا يمنعه وازع عقلٍ ولا دينٍ من أن يكُبَّ الفاضل عنه من أطايب الأطعمة مع النفايات وحفايظ الأطفال والنساء , وفي حيه ومدينته ومجتمعه من يطوي الليالي جوعاً من البشر أو البهائم المقتاتة على الفضلات وخشاش الأرض , ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربس غني كريم.
ويقف العوز وقلة ذات اليد مانعاً لصحابته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أداء الحج معه فتتفطر قلوبهم لذلك ويبحثون جاهدين عن عمل يتحصل لهم به أجره فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أراد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحج فقالت امرأة لزوجها: حج بي مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: ما عندي ما أحجك عليه، قالت: فحج بي على ناضحك (الدابة يستقى عليها الماء) فقال: ذاك نعتقبه أنا وولدك، قالت: فحج بي على جملك فلان، قال: ذلك حبيس في سبيل الله قالت: فبع تمر رقك، قال: ذاك قوتي وقوتك، قال: فلما رجع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من مكة أرسلت إليه زوجها فقالت: أقرئ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مني السلام، وسله ما يعدل حجة معك؟ فأتى زوجها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فقال: يا رسول الله إن امرأتي تقرئك السلام ورحمة الله، وإنها قالت أن أحج بها معك، فقلت لها: ليس عندي، قالت: فحج بي على جملي فلان فقلت لها: ذلك حبيس في سبيل الله، قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {أما إنك لو كنت حججت بها كان في سبيل الله}، فقال 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: فضحك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تعجبا من حرصها على الحج، قال 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: وإنها أمرتني أن أسألك ما تعدل حجة معك؟ قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {أقرئها مني السلام ورحمة الله، وأخبرها أنها تعدل حجة معي عمرة في رمضان}
ومنّا اليوم من شق الأرض مشرقا ومغرباً في النزهة والسفر الحرم الذي تبذل فيه الأموال ويحلق فيه الدين وتنتهك فيه الأعراضُ حتى غدا أعلم بشوارع باريس ومراقص أوربا وحاناتها من أهلها أنفسهم , وما حدثته نفسه أن يحج لبيت الله أو يفد زائراً مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقبرَه
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 05:57 م]ـ
وبجوار بيوت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسكن أهل الصفة وهم فقراء الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا أَضْيَاف الإِسْلاَمِ، لاَ يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلاَ مَالٍ، وَلاَ عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا , يقول أحد أهل الصفة وهو طلحة البصري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - (كان الرجل منا إذا قدم المدينة فكان له بها عريف نزل على عريفه، وإن لم يكن له بها عريف نزل الصفة، فقدمت فنزلت الصفة، فكان يجري علينا من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كل يوم مد ٌّ من تمر بين اثنين، ويكسونا الخُنُف (نوعٌ رديء جداً من الكتان)، فصلى بنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعض صلاة النهار، فلما سلم ناداه أهل الصفة يمينا وشمالا:
يا رسول الله، أحرق بطوننا التمر، وتخرقت عنا الخُنُف.!
¥