تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى منبره فصعده فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر الشدة و ما لقي من قومه حتى، قال {ولقد أتى علي وعلى صاحبي بضع عشرة وما لي وله طعام إلا البرير (وهو ثمرة شجر الأراك إذا اسودَّتْ) فقدمنا على إخواننا هؤلاء من الأنصار وعظم طعامهم التمر فواسونا فيه، والله لو أجد لكم الخبز واللحم لأشبعتكم منه، ولكن عسى أن تدركوا زمانا حتى يُغدى على أحدكم بجفنة ويراح عليه بأخرى} قال 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: فقالوا: يا رسول الله، أنحن اليوم خير أم ذاك اليوم؟ قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {بل أنتم اليوم خير، أنتم اليوم متحابون، وأنتم يومئذ يضرب بعضكم رقاب بعض}

والله المستعانُ فقد صارت بعضُ بيوت المسلمين تروح الجفانُ في الوجبة الواحدة بأطايب الأطعمة ونوادرها , ويتجشَّأها البعضُ طيلة نهاره ولا يورثه جشائه شكر النعمة واستشعار قدر المنعم جل وعز , وربما ألقى زوائدها في النفايات , كما شاهدتُّ بعيني فضلات وليمةٍ مُلئ بها برميلٌ قمامة , وأخليتْ منها بطون الطاوين والطاويات من المسلمين , فالله المستعان.

وأعود لأهل الصفة رضي الله عنهم وأرضاهم الذين قال فيهم أبو هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - {لقد كان أصحاب الصفة سبعين رجلا ما لهم أردية} ويقول عنهم 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - {لقد رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم رجل عليه رداء إما إزار وإما كساء قد ربطوا في أعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن نرى عورته}

ويقول البراء 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - {كُنَّا أَصْحَابَ نَخْلٍ فَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِى مِنْ نَخْلِهِ عَلَى قَدْرِ كَثْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ وَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِى بِالْقِنْوِ وَالْقِنْوَيْنِ فَيُعَلِّقُهُ فِى الْمَسْجِدِ وَكَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ فَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا جَاعَ أَتَى الْقِنْوَ فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ فَيَسْقُطُ مِنَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ}

ولم يكن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصنع بأهل الصفة ما يصنعه بعضنا اليوم إذا بسط الله عليه رزقه أو كان ممن تتطلع إليه أبصار الناس فتراه يتأفف من مجالسة ومجاورة ومصافحة ومحادثة الفقراء ازدراءاً لهم , وتحرجاً من اجتماعه في أعين الناس معهم , ولا ننسى حديث علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وفاطمة رضي الله عنهما يوم طلبا من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إخدامهما من السبي الذي جاءه فقَالَ عَلِىٌّ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ سَنَوْتُ (استقيت الماء) حَتَّى اشْتَكَيْتُ صَدْرِى. وَقَالَتْ فَاطِمَةُ قَدْ طَحَنْتُ حَتَّى مَجَلَتْ يَدَاىَ (تقرح جلدها) وَقَدْ جَاءَكَ اللَّهُ بِسَبْىٍ وَسَعَةٍ فَأَخْدِمْنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مبيِّناً أولويةَ أولاء الفقراء عنده واهتمامه بهم وبحاجتهم قبل حاجة ابنته وزوجها الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى {وَاللَّهِ لاَ أُعْطِيكُمَا وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تَطْوَى بُطُونُهُمْ لاَ أَجِدُ مَا أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَلَكِنِّى أَبِيعُهُمْ وَأُنْفِقُ عَلَيْهِمْ أَثْمَانَهُمْ}

ثمّ يبين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لبعض خاصته من الصحابة أن القاعدة المشتهرة بين الناس من أنّ الغنى بكثرة العرَض والفقرَ بقلّته ليست صحيحة , ففي الصحيح عن أبي ذر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {يا أبا ذر أترى كثرة المال هو الغنى} قلت: نعم يا رسول الله , قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {فترى قلة المال هو الفقر} قلت: نعم يا رسول الله , قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب} ثم سألني - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن رجل من قريش قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {هل تعرف فلانا} قلت: نعم يا رسول الله قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {فكيف تَراه أو تُراه} قلت: إذا سأل أعطي وإذا حضر أدخل قال 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير