الأول: تلك الأنشطة التي تمنع عدم الرضا عن العمل ولكنها لا تحفز العمل على التقدم والتحسن.
الثاني: تلك الأنشطة التي تحفز العامل على تحسين أدائه وهي الحوافز.
وقبل أن ننتقل إلى النوع الثاني من النظريات، نود أن نشير إلى أن علماء المسلمين قد قدّموا هرميّة للضرورات الإنسانية تسبق ما قدمه هؤلاء الباحثين من الغرب بما يزيد على عشرة قرون، فقد قرروا أن الناس يسعون إلى تحصيل مصالحهم حسب هرمية من خمسة طبقات، كلّ طبقة منها لها ثلاثة مستويات، وهذه الطبقات هي: الدين، النفس، المال، العقل، العرض (أو النسل). وهذه الهرمية أدق وأشمل من هرمية ماسلو إذ إن التجربة البشرية أثبتت أن ضرورة الدين تتقدم كلّ الضرورات البشرية في غالب الأحيان. ثم إن كلّ طبقة تنقسم إلى ثلاثة مستويات متتاليات، هي مستوى الضرورة Necessity، ثم مستوى الحاجة Need، ثم مستوى التحسين Improvement. ويتحرك اإنسان في حياته وحوافره من خلال هذه الهرمية ذات الخمسة عشر درجة. وليرجع من يشاء إلى كتابنا "مفتاح الدخول إلى علم الأصول" [4] ص 84 ليضطلع على هذه الهرمية بتفاصيلها.
· نظريات التطوير المستمر " Process Theories"
a. نظرية التوقع Expectancy Theory: وتقوم هذه النظرية على فرضية أنّ الحوافز الفردية تنبنى على ثلاثة مركبات:
a. أنّ إفتراض التحسن في الأداء بناء على حافز معين سيؤدى إلى تحسنه بالفعل.
b. أن التحسن في الأداؤ سيؤدى إلى عائد أو كسب مرغوب
c. أن العائد على الفرد من هذا الأداء الأفضل يتناسب مع تقييمه الخاص لأهمية وقيمة هذا العائد.
وبناءاً على هذه المركبات الثلاثة، يمكن أن نتعامل مع العاملين على أساس أنّ:
a. جدول الحوافز المعروضة سيؤدى إلى تحسين الأداء
b. أن تحسين الأداء سيؤدى إلى تحقيق مكاسب محددة
c. أنّ هذه المكاسب لها قيمتها وتقديرها عند العاملين
b. نظرية الوسيلة والهدف Path-Goal Theory: وتقوم هذه النظرية على فرضية قريبة المأخذ من سابقتها، إلا أنها تخطو خطوة أخرى بأن توجه القيادة إلى أن تقوم على توضيح الهدف المنشود وطريقة الوصول اليه بلا غبش أو غموض.
· نظريات بيئة العمل " Environmentally Based Theories"
a. نظرية التكييف والتقوية العملية: Operant-Conditioning and Reinforcement: وتعتمد هذه النظرية بالأساس على أن أداء المرء يتشكل بحسب البيئة التي تحيط به وما تركز عليه من أهداف، إذ أن الأداء يكون بحسب ما يراه الفرد من تركيز على هدف معين من البيئة المحيطة يجعل هذا الهدف محوراً لتصرفاته مما يجعله يصل إلى هدفه هذا على أحسن وجه، ومن هنا تأتي أهمية ما تؤمن به البيئة المؤسسية من أهاف وما تخطّه من خطط يسير عليها العاملون المشاركون وهم على يقين من توحّد أهدافهم مع ما توجهات المؤسسة بعامة.
b. نظرية المقارنة الإجتماعية Social Comparison Theory : وهي تقوم على فكرة أن الأداء في عمل ما يرتبط بواقع الوظيفة الحاليّ مقارنة بما كانت عليه التجربة السابقة للعامل، ومن ثم يقوم الفرد بعمل مقارنات دائمة ليحدد لنفسه ما يجب أن يكون عليه تصرفه وأداؤه في عمل ما.
c. نظرية تكافؤ العطاء Equity Theory : وهي يقوم على أنّ العامل يقوم عادة بعملية تقييم بين ما يُطلب منه من جهد من ناحية، وما عليه العائد المعروض من ناحية أخرى. ومن هنا يقوم العامل بعملية تقييم يتبعها تقويم لأدائه، بأن يعمل بجهد اكبر، أو أن يقلل من جهده، أو أن يحسن من علاقاته مع الإدارة، أو يترك المؤسسة كلية.
d. نظرية إكس&واي دوجلاس ماك جريجور X & Y Theory of Douglas McGregor : وتعتبر أبرز النظريات الحديثة التي أثرت في مسار الدراسات الإدارية أكاديمياً وعملياً. وقد قدمها العالم ماك جريجور عام 1960 في كتابه الشهير The Human Side of Enterprise " الجانب الإنساني من المؤسسة". ويفترض ماك جريجور في نظريته أن الإنسان في أداء عمله يمكن أن يكون نمط من نمطين:
o فرضية نمط X: وهذا النمط يفترض فيه أن:
a. الإنسان بطبيعته خاملٌ كارهٌ للعمل إبتداءاً، لا يريد أن يحصلَِ على عائدِ عمله بأقل جهدٍ ممكن.
b. وهو يتفادى أي مسؤلية في عمله ولا طموح له إلا أن يحصل على الأمن الوظيفيّ.
c. ونتيجة لهذا فإنه يجب أن يجبر الإنسان على العمل ويمارس عليه الضغط والإجبار والتهديد والوعيد حتى يمكن أن يصل إلى تحقيق أهداف المؤسسة.
o فرضية نمط Y: وهذا النمط يفترض فيه أن:
a. صرف الجهد في العمل بالنسبة له هو مطلوب كما هو في الترفيه واللعب والرياضة.
b. التهديد والوعيد ليست هي الوسيلة التي يؤدى بها الفرد عمله، بل إن الإنسان يوجه نفسه للأفضل حين يرى أن ما يؤديه متناسب مع ما أراده لنفسه ولحياته.
c. أن الإنسان يسعى للتعلم ولتحمل المسؤلية مع مرور الوقت.
d. أن ممارسة المسؤلية والإبداعية والتجديد في مواجهة وحلّ المشكلات يوجد في قطاع عريض بين العاملين، ليس مجرد مجموعة صغيرة من المنتخبين.
e. أن القدرة العقلية للإنسان العاديّ لم تُستخدم بكامل طاقتها تحت الظروف الحالية للسوق العمالية والطرق الحديثة للعمل.
ثم ننتقل إلى الجزء الثاني عن نظريات القيادة إن شاء الله تعالى.