تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"اعلم أن المخاطب لا يفهم المعاني المعبر عنها باللفظ إلاّ أن يعرف عينها (أو مايناسب عينها) ويكون بينهما قدر مشترك ومشابهة في أصل المعنى، وإلاّ فلا يمكن تفهيم المخاطبين بدون هذا قط، حتى في أول تعليم معاني الكلام بتعليم معاني الألفاظ المفردة، مثل تربية الصبي الذي يعلم البيان واللغة ينطق له باللفظ المفرد ويشار له لمعناه، (إن كان مشهوداً بالإحساس الظاهر أو الباطن) فيقال له لبن ... ويشار له إلى كل مسمى من هذه المسميات ... فدلالة اللفظ على المعنى هي بواسطة دلالته على ماعناه المتكلم وأراده وإرادته وعنايته في قلبه فلا يعرف باللفظ ابتداء ولكن يعرف المعنى بغير اللفظ حتى يعلم أولاً أن هذا المعنى المراد هو الذي يراد بذلك اللفظ ويعنى به فإذا عرف ذلك ثم سمع اللفظ مرة ثانية عرف المعنى المراد بلا إشارة إليه، وإن كانت الإشارة إلى ما يحس بالباطن مثل الجوع ... فإنه لا يعرف اسم ذلك حتى يجده بنفسه فإذا وجده أشير له إليه وعرف أن اسمه كذا .....

إذا عرف ذلك فالمخاطب المتكلم إذا أراد بياناً معان فلا يخلو إما أن يكون مما أدركها المخاطب المستمع إليه بإحساسه وشهوده أو بمعقوله (وإما أن لا يكون كذلك)، فإن كانت من القسمين الأولين لم يحتج إلاّ إلى معرفة اللغة، بأن يكون عرف معاني الألفاظ المفردة ومعنى التركيب فإذا قيل له بعد ذلك (ألم نجعل له عينين* ولساناً وشفتين) .. ونحو ذلك فهم المخاطب بما أدركه بحسه، (وإن كانت المعاني التي يراد تعريفه بها ليست مما أحسه وشهده بعينه ولا بحيث صار له معقول كلي يتناولها حتى يفهم به المراد بتلك الألفاظ، بل هي مما لم يدركه بشيء من حواسه الباطنة والظاهرة، فلا بد في تعريفه من طريق القياس والتمثيل والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور التي شاهدها من التشابه والتناسب وكلما كان التمثيل أقوى كان البيان أحسن والفهم أكمل) ........ وكذلك لمّا أخبرنا بأمور تتعلق بالإيمان بالله وباليوم الآخر وهم لم يكونوا يعرفونها قبل ذلك (حتى يكون لها ألفاظ تدل عليها بعينها أخذ من اللغة الألفاظ المناسة لتلك بما تدل عليه من القدر المشترك بين تلك المعاني الغيبية والمعاني الشهودية التي كانوا يعرفونها) ....... كما أخبرهم **يعني النبي صلى الله عليه وسلم –وما بين النجوم مني**عن الأمور الغيبية المتعلقة بالله واليوم الآخر فلابد أن يعلموا معنى مشتركاً وشبهاً بين مفردات تلك الألفاظ وبين مفردات ألفاظ ما علموه في الدنيا بحسهم وعقلهم ...... فينبغي أن تُعرف هذه الدرجات:

أولاها: إدراك الإنسان المعاني الحسية المشاهدة.

وثانيها: عقله لمعانيها الكلية.

وثالثها: تعريف الألفاظ الدالة على تلك المعاني الحسية والعقلية

فهذه المراتب الثلاث لابد منها في كل خطاب. فإذا أخبرنا عن الأمور الغائبة فلابد من تعريفنا المعاني المشتركة بينها وبين الحقائق المشهودة والاشتباه الذي بينهما وذلك بتعريفنا الأمور المشهودة ثم إن كانت مثلها لم يحتج إلى ذكر الفارق .... (وإن لم يكن مثلها بين ذلك بذكر الفارق بأن يقال ليس ذلك مثل هذا ونحو ذلك، (وإذا تقدر انتفاء المماثلة كانت الإضافة وحدها كافية في بيان الفارق) (وانتفاء التساوي لايمنع منه وجود القدر المشترك الذي هو مدلول اللفظ المشترك وبه صرنا نفهم الأمور الغائبة ولولا المعنى المشترك ما أمكن ذلك قط .. " هذا ما ذكره ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية 1/ 66 - 68 ط الرسالة

إذا وضح لك ما أراد ابن أبي العز -أخي الكريم- فأجب عمن سألك عن معنى اليد بأنها صفة ذات وعدد له من أفعالها وصفاتها.

أما وصفها بأنها جارحة أو عضو فلم يرد في كتاب ولا سنة فلا توصف به، ومن قال أنها جارحة أو عضو سئل عن ما يعني بذلك فإن عنى صفة الذات على مايليق بالله فما عناه صحيح واللفظ لم يرد، وإن عنى به ما سبق ذكره في أول الكلام عن تلبيس الجهمية رفض ورد، وبالمقابل من نفى أنها جارحة أو عضو يسأل عما عنى بالجارحة والعضو فلو قصد معنى لا يليق بالله أصاب، ولو عنى بها صفة الذات أخطأ في نفي المعنى دون اللفظ، ووجه هذا الإشكال هو عدم انضباط تعريف العضو أو الجارحة عند كثيرين كلفظ الجزء الذي يطلق وقد يراد به نحواً من ستة معان، ولذا لايصح تخطأته أو تصويبه مطلقاً بل وجب معرفة مراد المتكلم في الألفاظ التي لم ترد ثم يكون الحكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير