تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن آثار تعصبه أنه جعل جمهور الشعراء الجاهليين نصارى، وصنع في ذلك كتابا ذا عدة أجزاء يجمع شعرهم وأخبارهم سماه "شعراء النصرانية في الجاهية" ومضت الإشارة إليه, وهذه لا جرم مغالطة سافرة، إذ ليس الشعراء الجاهليون كلهم على دين واحد، ولقد خالف لويس شيخو في وجهته تلك جماعة من الأدباء والمؤرخين، ولا غرو أن يكون فيهم نصارى معاصريه، لأن الحق قديم، والاعتراف به شرف وفضيلة، ومن ذلك ما قاله إدورد فنديك: كتاب دواوين شعراء النصرانية جمعه القس لويس شيخو اليسوعي طبع في 2ج بيروت سنة 1890م ويتضمن أشعار شعراء النصرانية في أيام الجاهلية، وهو مجموع يعول عليه في بابه، ولو أن الجامع عدّ من النصارى كل شاعر لم يثبت إشراكه. (اكتفاء القنوع بما هو مطبوع 37)

وقال مارون عبود: سمعنا بكتاب شعراء النصرانية فاستقدمناه، فإذا هو لهذا العلامة الجليل " لويس شيخو " وإذا كل من عرفناهم من شعراء جاهلين قد خرجوا من تحت سن قلمه نصارى. كان التعميد بالماء فإذا به قد صار بالحبر. (رواد النهضة الحديثة 225)

ومن ملامح تعصب شيخو أنه حين كتب تاريخ الآداب العربية جعل يبرز أدباء النصارى مشيدا بهم في شتى الأقطار، وفيهم من لا يستحق أن يوصف بالكتابة ولا بالشعر، إنما غرض هذا الرجل التكثر بجماعته ليجعلهم طلائع النهضة الحديثة وروادها، وأغمض عينيه عن علماء الإسلام وأدار لهم ظهره، فلم يذكر منهم سوى فئة قليلة، تضيع في معمعة الأسماء النصرانية التي ساقها، وحين عوتب على ذلك أجاب بأنه لا يعرف رجال الإسلام. (المعاصرون 320و تاريخ الأدب العربي للدكتور عمر فروخ 1/ 23)

ولا ريب أن هذا منه كذب، فإنه يقرأ الصحف والمجلات العلمية، ويطالع المصنفات العصرية، ويستبعد أن يخطئ سمعه دوي الأسماء البارزة في أمة الإسلام إذ ذاك، كما أن بإمكانه السؤال والبحث والتنقير، لا سيما أنه الموصوف بالبحاثة المطلع.

ومن أثار تعصبه حملته الظالمة على العالم اللغوي الأديب أحمد فارس الشدياق المتوفى سنة 1304هـ حين اعتنق الإسلام وخلع النصرانية، فكان شيخو يعرض به، ويغمز من قناته، ويسميه الضال ويسوق شعرا في هجائه، ثم يجعل اعتناقه للإسلام منبعثا عن طمعه بالمناصب والأموال، وهداه تعصبه بأخرة - أعني شيخو- إلى أن يدعي أن الشدياق تقهقر عن دينه الإسلام إلى النصرانية عند وفاته (تاريخ الآداب العربية لشيخو 111)

أقول: وهذه من أعظم الفرى على التاريخ وعلى الشدياق نفسه، وهو كذب مكشوف، ولم يذكر هذا الخبر سوى شيخو متفردا به، وقد رد عليه ودحض زعمه الأستاذ زكي محمد مجاهد في كتابه " الأعلام الشرقية 3/ 987"

وأفادنا مارون عبود وهو من أكثر الناس إعجابا بالشدياق وإجلالا له، واطلاعا على أخباره أنه زار ضريح الشدياق ورأى فوقه هلالا، وتلك علامة صريحة بأن صاحب الضريح مسلم عند القوم، ولو كان نصرانيا لنصب فوقه الصليب. (ذكرت ذلك للاستدلال به. وإلا فشريعة الإسلام تمنع من الكتابة على القبور والرسم عليها والبناء فوقها)

هذا وبلغ بلويس شيخو بغضه للإسلام أن أبغض العرب لأن نبي الإسلام عربي صلى الله عليه وسلم، ولأن العرب هم الذين آزروا الإسلام في أول أمره، وحملوا رسالته إلى العالمين، ولذا مضى شيخو يغمط حق العرب في مدنيتهم، ويخلق لهم المثالب، ويهمزهم ما استطاع إلى ذلك سبيلا. ومن أجل ذلك سلكه الأستاذ محمد كرد علي في عداد الشعوبيين الأجلاد. (انظر المعاصرون

320)

ويظن طائفة ممن أعجبوا بلويس شخو أنه كلف مغرم بما أبدعته الحضارة الإسلامية من علوم العربية وآدابها، وأن إعجابه الشديد هو الذي دفعه إلى طبع الكتب العربية وإحيائها، ونشرها بين الناس.

وأرى غير ذلك، فإن الحق الذي لا خفاء به أن لويس شيخو إنما عمد إلى نشر كتب المسلمين لغرض خفي في نفسه، وهو أن ينفث من خلالها سمومه وأدواءه، لأنه واثق من أن تلك الكتب سيكون لها رواج في سوق المسلمين، أما مصنفاته فلن تعدو في الغالب محيط قومه وأبناء بيئته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير