تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا نظرت إلى عمله في إحياء الكتب العربية الإسلامية بدا لك أنه استهله استهلالا أسود صارخا كائدا، فإنه شرع بادي الرأي بطباعة كتاب " الألفاظ الكتابية "للهمداني" و"فقه اللغة للثعالبي" وماذا فعل؟ لقد حذف منهما الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فلاحظ عليه ذلك العلماء وأرباب الفكر والعارفون من علماء المشرقيات المستعربين، فاضطر بعد إلى الرجوع عن هذه الطريقة في الكتب التي أحياها من أسفار العرب. (انظر المعاصرون 318)

ولئن انتبه العلماء والعارفون بما فعله شيخو من حذف الآيات والأحاديث النبوية فقد لا ينتبهون إلى شيء آخر، وهو ذلك الدس والمسخ الخفي الذي قلما يتفطن له إلا بالصبر والفحص ومراجعة الأصول، ولذا فإني أمام أولئك الأسفار التي بعثها شيخو لفي ريب بالغ من كل ما خرج من بين أصابعه، مما له علاقة بإرثنا الإسلامي والعربي، وأدعو من على هذا المنبر بني أمتي على إعادة ما نشره لويس شيخو وإخوانه الآباء اليسوعيون من تراثنا، ومقابلته على أصوله الصحيحة الأولى، فإن هؤلاء قوم لا يوثق بنقلهم، لتلاعبهم وتعصبهم وتحريفهم. كما يقول الشيخ العلامة أحمد شاكر. رحمه الله (انظر تحقيقه لكتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة 2/ 791)

وأجيئك الآن بشاهد يعزز لك ريبي ذاك في لويس شيخو وأعماله، وهو ما أفادنا به الأستاذ الكبير الدكتور شكري فيصل في مقدمة تحقيقه الجليل لديوان أبي العتاهية، فلقد دهش الدكتور شكري حقا وصدقا حين قابل بين صفحات معدودات من أصول الديوان الخطية، وبين ما أخرجه لويس شيخو باسم " الأنوار الزاهية في ديوان أبي العتاهية " لقد رأى الدكتور شكري فيصل في عمل شيخو مسخا وطمسا وحذفا وتحريفا متعمدا جاوز كل حدود التعصب والتلاعب.

وفعلات شيخو في الديوان "مست كل ما يتصل بألفاظ القرآن وتعابيره، وكل ما يتصل بالنبي صلى الله عليه وسلم ورسالته، وكل ما يتصل بمفاهيم الإسلام من الوحدانية والنشور والآخرة" (انظر أبو العتاهية أشعاره وأخباره 13)

فألفاظ التوحيد في ديوان أبي العتاهية تحولت في نشرة شيخو إلى ما يوافق عقيدة النصارى، فعبارة " لا شريك له " جاءت " لا مثيل له " في قول أبي العتاهية:

فحسبي الله لا شريك له ....

وتعبير " لست والدا " يؤول إلى " لست محدثا " في بيت أبي العتاهية:

شهدنا لك اللهم أن لست محدثا **** ولكنك المولى ولست بمولود

والشطر " هو الذي لم يولد ولم يلد " يؤول على حساب المعنى والوزن إلى " فهو الذي به رجائي وسندي " والأب لويس شيخو لا يطيق أبدا أن يرى اسم "محمد" الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في شعر أبي العتاهية، ولهذا فهو يحرف هذا الإسم ما وجده، حتى لو تغير البيت كله، ودونك بيت أبي العتاهية المشهور:

وإذا ذكرت محمدا ومصابه **** فاذكر مصابك بالنبي محمد

جعله شيخو:

وإذا ذكرت العابدين وذلهم **** فاجعل ملاذك بالإله الأوحد

وإذا مر شيخو بعبارات " رسول الله " أو " نبي الله " أو " مرسل " بادر إلى تغييرها بما يوافق هواه، فإن أعوزته الحيلة وضاق به سبيل التحريف حذف البيت كاملا، من نحو قول أبي العتاهية:

وهو الذي بعث النبي محمدا **** صلى الإله على النبي المصطفى

فإنك لا تجد هذا البيت في " الأنوار الزاهية " وقد يطوي الأبيات ذوات العدد ويبعدها إبعادا.

وفي ختام عرضه لعمل شيخو في " ديوان أبي العتاهية " أهاب الدكتور شكري فيصل بالمهتمين والعاملين في حقل الدراسات الأدبية من المسلمين أينما كانوا أن يبادروا استنقاذا لسمعة تراثهم أن يكون من بين الذين يعملون فيه من تهون عليهم كل القيم العلمية والأخلاقية، يدوسونها من غير رادع ثم لا يتورعون، من أمثال لويس شيخو وأضرابه. (انظر أبو العتاهية أشعاره وأخباره 13)

ولقد كنت في زمن الصبا معجبا بكتاب " مجاني الأدب في حدائق العرب" لشيخو مكبا على قراءته، وهو اختيارات أدبية مبوبة من الشعر والنثر، منتخبة من عصور الأدب المختلفة وجاء في ستة أجزاء، وما زال الكتاب يقع مني موقع الرضا، إلى عهد غير بعيد، حتى وقفت على إشارة متينة من العلامة أحمد تيمور رحمه الله في إحدى حواشيه على كتاب " الآثار النبوية " ص 10 يشتكي فيها من صينع لويس شيخو حيث أورد في كتابه " المجاني " قصيدة للبحتري فيها ذكر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وشيء من مآثره، ولكن لويس شيخو حرف وبدل واحتال حتى أسقط اسم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير