هل يصح أن يُقال بأن في القرآن سجع؟
ـ[أنس الشهري]ــــــــ[11 - 05 - 08, 06:18 م]ـ
أرغب في بحث معاصر عن هذه المسألة
وشكراً
ـ[أبو خالد الكمالي]ــــــــ[11 - 05 - 08, 06:42 م]ـ
مصطلح الفاصلة في القرآن
د. محمد حسين الصغير
الفاصلة في القرآن الكريم: آخر كلمة في الآية، كالقافية في الشعر، وقرينة السجع في النثر، خلافاً لأبي عمرو الداني ?ت:444ه? الذي اعتبرها كلمة آخر الجملة. إذ قد تشتمل الآية الواحدة على عدة جمل، وليست كلمة آخر الجملة فاصلة لها، بل الفاصلة آخر كلمة في الآية، ليعرف بعدها بدء الآية الجديدة بتمام الآية السابقة لها.
وتقع الفاصلة عند الاستراحة بالخطاب لتحسين الكلام بها، وهي الطريقة التي يباين القرآن بها سائر الكلام، وتسمّى فواصل، لأنه ينفصل عندها الكلامان، وذلك أن آخر الآية فصل بينها وبين ما بعدها.
وقد تكون هذه التسمية اقتباساً من قوله تعالى: ?كِتَابٌ فُصِّلَتْ أَيَاتُهُ?. ولا يجوز تسميتها قوافي إجماعاً، لأن الله لما سلب عن القرآن اسم الشعر وجب سلب القافية عنه أيضاً لأنها منه، وخاصة في الاصطلاح.
وما ورد في القرآن متناسق حروف الروي والإيقاع، موحد خاتمة الفاصلة بالصوت، ويقف فيه بالآية على الحرف الذي وقف عنده في الآية التي قبلها، فلا يسمى سجعاً عند علماء الصناعة "ولو كان القرآن سجعاً لكان غير خارج عن أساليب كلامهم، ولو كان داخلاً فيها لم يقع بذلك إعجاز، ولو جاز أن يقال: هو سجع معجز، لجاز أن يقولوا: شعر معجز، وكيف والسجع مما كان تألفه الكهّان من العرب، ونفيه من القرآن أجدر بأن يكون حجة من نفي الشعر، لأن الكهانة تنافي النبوّات بخلاف الشعر".
يبدو مما سلف أن مما تواضع عليه جهابذة الفن، وأئمة علوم القرآن، يضاف إليهما علماء اللغة، هو: أن نهاية بيت الشعر تسمى قافية، ونهاية جملة النثر تسمى سجعاً في الأسجاع، ونهاية الآية تسمى فاصلة.
وهذا التفريق الدقيق قائم على أساس يجب أن نتّخذه أصلاً، وبرنامج ينبغي القول به دون سواه، وهو أن الكلام العربي ـ مطلقاً ـ على ثلاثة أنواع:
قرآن، نثر، شعر، فليس القرآن نثراً وإن استعمل جميع أساليب النثر عند العرب، وليس القرآن شعراً وإن اشتمل على جميع بحور الشعر العربي حتى ما تداركه الأخفش على الخليل فسمي متداركاً وهو الخبب، بل هو قرآن وكفى ?إِنَّهُ لَقُرآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ?.
وإذا تم هذا فهو كلام الله تعالى وحده، وأن يقاس كلام البشر بكلام الله، هو إذن مميز حتى في التسمية عن كلام العرب تشريفاً له، واعتداداً به، وإن وافق صور الكلام العربي، وجرى على سننه في جملة من الأبعاد، كما يقال عند البعض، أو كما يتوهم، بأن ختام فواصله المتوافقة هي من السجع، فالتحقيق يقتضي الفصل بين الأمرين، لأن مجيء كثير من الآيات على صورة السجع لا توجب كونه هو، أو أنها منه "لأنه قد يكون الكلام على مقال السجع وإن لم يكن سجعاً، لأن السجع من الكلام، يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي السجع، وليس كذلك مما هو في معنى السجع من القرآن، لأن اللفظ وقع فيه تابعاً للمعنى، وفرقٌ بين أن يكون المعنى منتظماً دون اللفظ، وبين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود فيه، ومتى ارتبط المعنى بالسّجع كان إفادة السّجع كإفادة غيره ومتى انتظم المعنى بنفسه دون السجع مستجلباً لتحسين الكلام دون تصحيح المعنى".
وقد رأينا عند تعقب هذه الظاهرة: أن التعبير المسجوع في القرآن لا تفرضه طبيعة النسق القرآني فحسب كما يخيل للكثيرين عند النظر في مثل قوله تعالى: ?أَلْهَاكُمُ التَكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ المَقَابِرَ?. بدليل أنه ينتقل منه فوراً إلى نسق آخر في فاصلة تقف عند النون دون التفات إلى الصيغة الأولى الساربة في طريقها البياني ?كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ?. فإذا جاز للقرآن الانتقال بها، جاز له الانتقال فيما قبلها كما هو ظاهر، بل أن هذا اللفظ "المقابر" يفرض نفسه فرضاً بيانياً قاطعاً، دون حاجة إلى النظر في الفاصلة معه، أو مع محسّنات الفاصلة، وذلك أن هذا الإنسان المتناسي الطاغي المتكاثر بأمواله ولذاته، وشهواته، ومدخراته، ونسائه، وأولاده، ودوره، وقصوره، وخدمه، وحشمه، وإداراته، وشؤونه، وسلطانه، وعنوانه، وهذا كله تكاثر قد يصحبه التفاخر،
¥