تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي الحديث: «فأَشرَعَ ناقتَه» ([7]) أَي: أَدخَلها في شرِيعةِ الماء، وفي حديث وضوء أبي هريرة الوضوء: « ... حتى أَشرَعَ في العضُد» ([8]) أَي: أَدخَل الماءَ إِليه.

فالالتزام بالشريعة دخولٌ فيها، ومنه الدخول في الإسلام، وفيه قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا}.

والشريعةُ: موضعٌ على شاطئ البحر تَشْرَعُ فيه الدوابُّ ([9]) ويسعُها، والشريعةُ والشِّرْعةُ: ما سنَّ الله من الدِّين وأَمَر به؛ كالصوم والصلاة والحج والزكاة وسائر أَعمال البرِّ، وأما ما يؤخذ من ارتباط الشريعة «موضع الشرب» بالبحر فهو أن لكل الشرائع أصل واحد، وفيه دلالة على تعدد الشرائع «مواضع الشرب المتعددة» على البحر الواحد، ووحدة مادتها وهو الماء، ومنه تعدد الشرائع مع وحدة الدين وأصله وهو التوحيد؛ كما في قوله تعالى: {ثم جعلناك على شريعةٍ من الأَمْر} وقوله تعالى: {لكلٍّ جعلنا منكم شِرْعةً ومِنهاجًا}.

ظهور الشريعة:

والعرب لا تسميها شَريعةً حتى يكون الماء ظاهرًًا مَعِينًًا .. وفي التنزيل {شَرَعَ لكم من الدِّين ما وصَّى به نوحًا} قال ابن الأَعرابي: شَرَعَ أَي: أَظهر، وقال في قوله: {شَرَعوا لهم من الدِّين ما لم يأْذن به الله} قال: أَظهَرُوا لهم، والشارعُ: الرَّبّاني، وهو العالم العاملُ المعَلِّم، وشَرَعَ فلان: إِذا أَظْهَرَ الحَقَّ وقمَعَ الباطل ([10]).

وسُمِّيَت الشَّريعةُ تَشبيهًا بشَريعَةِ الماءِ؛ بحيثُ إنَّ مَنْ شَرَعَ فيها على الحَقيقة المَصدوقَةِ رَوِيَ وتَطَهَّرَ ([11]).

الشَّريعَةُ: (الظَّاهرُ المُستقيمُ من المَذاهِبِ) كالشِّرْعَةِ بالكسر، وهو مأْخوذٌ من أَقوال ثلاثةٍ:

أَمَّا الظَّاهِرُ: فمِنْ قول ابنِ الأَعرابيِّ: شَرَعَ أَي ظَهَرَ.

وأَمّا المُستقيمُ: فمِن قول محمَّد بنِ يزيدَ في تفسير قوله تعالى: {شِرْعَةً ومِنهاجًا} قال: المِنهاج: الطَّريق المَستقيم.

وأَمّا قوله: من المَذاهبِ: فمِن قول القُتَيْبِيِّ في تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ جعلناكَ على شريعَةٍ} قال: أَي على مِثالٍ ومَذهَبٍ، قال الله عزَّ وجَلَّ: {لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنكُمْ شِرْعَةً ومِنهاجًا} ([12]).

الغاية في الشريعة:

وفي حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُجُوهُ بُيُوتِ أَصْحَابِهِ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ» ([13]) أَي: مَفْتُوحةً إِليه، يقال: شَرَعْتُ البابَ إِلى الطريق؛ أَي: أَنْفَذْتُه إِليه ([14]).

وكذلك الدارُ الشارِعةُ: التي قد دنت من الطريق وقَرُبَتْ من الناسِ، وهذا كله راجع إِلى شيء واحد .. إِلى القُرْب من الشيء والإِشْرافِ عليه ([15]).

ليكون معنى شريعة هو النفوذ إلى الغاية والقرب منها والإشراف عليها من غير مانع وهو تفسير القرطبي في قوله عز وجل: {حكمة بالغة} يعني القرآن ([16])؛ أي: يبلغ غايته ومنتهاه في هداية الخلق.

الاستقامة في الشريعة:

قوله: «والشِرعة» في القاموس هو بالكسر ويفتح، الجمع: شِرع بالكسر ويفتح .. وجمع الجمع: شراع: الوَتَرُ الرقيقُ، وقيل: هو الوَتَرُ ما دام مَشْدودًا على القَوْس ([17]).

والوتر المشدود لا يكون إلا مستقيمًا، وفيه قول الله عز وجل: {اهدنا الصراط المستقيم} وفي تفسير قوله تعالى: {شِرْعَةً ومِنهاجًا} هو الطَّريق المَستقيم، ويقول ابْنُ عَبَّاسٍ: {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} سَبِيلًا وَسُنَّةً.

التثبيت في الشريعة:

وشَرَّعَ فلان الحَبْلَ: أَي أَنْشَطه، وأَدْخَلَ قُطْرَيْه في العُرْوة ([18]).

{لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 256].

وعن أنس بن مالك: {بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}: القرآن.

الرفع في الشريعة:

وأَشرَعَ الشيءَ: رَفَعَه جدًّا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير