تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الله]ــــــــ[03 - 02 - 03, 02:49 م]ـ

ثم أبعد الألباني وقال: ((ويستنتج من هذه الأقوال لهؤلاء الأئمة أن الحديث ضعيف وليس بصحيح)).اهـ.

قلت: أي استنتاج هذا الذي استنتجه؟.

لا يخفى ضعف استنتاجه لأنه مع كونه مجرداً عن الدليل وهو مخالف لأقوال الأئمة الحفاظ القاضية بقبول حديث عمر بن حمزة، ومتى كان القول مجرداً عن الدليل مع المخالفة كان في النهاية إلىالسقوط، ولو سبر الألباني حال عمر بن حمزة كما ينبغي وفتش عن حقيقة الأقوال التي في الميزان والتهذيب والتقريب ولم يعتمد على التقريب وحده لخرج باستنتاج آخر.

فابن معين الراجح من قوليه هو التعديل، والنسائي لينه وهو لا يضره، وأحمد بن حنبل يحمل حديثه على التفرد، والذهبي قال صدوق يغرب، وابن حجر حسن حديثه لذاته وقرنه بصدوق يخطئ.

فكيف يستنتج من أ قوال هؤلاء أنه ضعيف ثم يضعف حديثه الذي هو في صحيح مسلم، وغاب عنه أنه ثقة عند مسلم لأنه احتج به وأن البخاري سكت عنه في تاريخه وعلق له بصيغة الجزم، وكان يحسن بالألباني أن ينقل ذكر ابن حبان له في الثقات، وتعديل الحاكم له فإن نقل الجرح والسكوت عن التعديل عمل غير مقبول والله أعلم.

فصل

ثم قال الألباني: ((وتوسط ابن القطان فقال كما في الفيض:وعمر ضعفه ابن معين وقال أحمد:أحاديثه مناكير، فالحديث به حسن لا صحيح.

قلت-أي الألباني-:ولا أدري كيف حكم بحسنه مع التضعيف الذي حكاه هو نفسه! فلعله أخذ بهيبة الصحيح)).اهـ.

لا شك أن المناوي رحمه الله تعالى تصرف في عبارة ابن القطان،وظني-والله أعلم-لو رجع الألباني إلى بيان الوهم والإيهام لتغير رأيه في حمزة بن عمر ولعرف قيمة ابن القطان، فليس من السهل تعقب هذا الحافظ الناقد البارع بدون الرجوع إلى كتابه، فالذي يريد أن يتعقب الأئمة ويتعرض لكتب السنة بالنقد، بل إلى ما اتفق على تصحيحه لا يحسن منه هذا الفعل.

وهاك نص عبارة بن القطان رحمه الله تعالى من ((الوهم والإيهام)) [2/ 17ب ـ18أ] قال: ((وذكر-أي عبد الحق-من طريق مسلم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة ... )) الحديث, وسكت عنه وهو حديث إنما يرويه عند مسلم عمر بن حمزة العمري عن عبد الرحمان بن سعد عن أبي سعيد الخدري. وعمر ضعفه ابن معين، وقال إنه أضعف من عمر بن محمد بن زيد، فهو في الحقيقة تفضيل أحد ثقتين على الآخر، وأما بن حنبل فقال: أحاديثه مناكير فالحديث به حسن)).انتهى نص كلام ابن القطان.

فانظر لهذا الإمام كيف أحسن التصرف في قولي ابن معين ثم في قول أحمد، فلله دره حافظاً، ومنه يعلم أن تعقب الألباني له بقوله: ((ولا أدري ... )) إلخ كلامه لا قيمة له، وإذا كان ابن القطان الحافظ البارع أخذ بهيبة الصحيح، فلمذا لم تقف عند حدك وتحترم الصحيح وصدق القائل:

ولن تدركوا إلا مدق الحوافر. فلم تسمعوا إلا بما كان قبلكم.

فصل

ثم قال الألباني: ((ولم أجد حتى الآن ما أشد به عضد هذا الحديث)).اهـ.

لا شك أن الألباني أخطأ في تضعيف عمر بن حمزة، وأنه صدوق، ولكن لو سلم تضعيف عمر بن حمزة لا يلزم منه تضعيف الحديث،لأنك إن لم تجد ما تشد به هذا الحديث فهذا قصور بلا ريب، وقبل ذلك تدخل في ما لا يعني، ألا وهو الدخول في أحاديث الصحيحين والكلام على أسانيدها ورجالها.

أما القصور فهو ناتج عن أمرين:

الأول: أن عمر بن حمزة قد يكون توبع ولكن الشيخ الألباني لم يقف على المتابعة،وهذا يحدث كثيراً منه وتجد أمثلة لمتابعات خفيت عليه في ثنايا هذا التنبيه.

وإذا قال الألباني: لم أجد حتى الآن ... إلخ يلزم منه أنه اطلع على جميع المستخرجات على مسلم على الأقل حتى يقول هذا القول، وهذا لم يقع له، وقد تقدم الكلام على المستخرجات [ص56].

الثاني: أن هناك شواهد كثيرة، وتقول تأدباً مع صحيح مسلم: تتقوى بحديث مسلم ولا يقوى بها.

منها: ما رواه أبو داود [2174]،والترمذي وحسنه [تحفة 8/ 71]،والنسائي مختصراً [8/ 151]،وأحمد [2/ 540]،والبيهقي [7/ 194]،وغيرهم عن أبي نضرة حدثني شيخ من طفاوة قال: تثويت أبا هريرة بالمدينة، وفيه فقال رسول الله ق: ((هل منكم رجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله؟)) الحديث، ولولا جهالة الطافوي لكان الحديث صحيحاً.

ومنها:قوله ق: ((لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها فارم القوم)).فقلت -أي أسماء بنت يزيد-:إي والله يا رسول الله إنهن ليقلن وإنهم ليفعلون. قال: ((فلا تفعلوا فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شياطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون)).قال الهيثمي: ((رواه أحمد والطبراني وفيه شهر بن حوشب، حديثه حسن وفيه ضعف)).اهـ. مجمع الزاوئد [4/ 294].

وهناك شاهدان آخران ذكرهما الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 294 - 295] فارجع إليهما.

ومنه يعلم أن بين الألباني وتضعيف هذا الحديث أو غيره من صحيح مسلم مفاوز لا يقدر على الوصول إليها، وحواجز منيعة يعجز عن تخطيها.

فصل

قال ابن أبي عاص: ((ثنا أبو بكر، ثنا أبو أسامة، عن عمر بن حمزة، عن سالم بن عبد الله، حدثني عبد الله بن عمر: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يطوي الله السموات ... )) الحديث. [السنة 1/ 241].

عقب عليه الألباني بقوله: ((إسناده صحيح بما قبله وهو على شرط مسلم، لكن عمر بن حمزة وهو العمري المديني ضعيف كما قال الحافظ في التقريب. والحديث أخرجه مسلم بإسناد المصنف)) اهـ.

معنى هذا الكلام أن هذا سند حسن لذاته ثم صار صحيحاً -أي لغيره- باعتضاده بالسند الصحيح الذي قبله. فإذا أراد الألباني ذلك فقد تناقض مع نفسه لأنه حسن حديث عمر بن حمزة لذاته، ولكن يعكر عليه نقله تضعيف عمر بن حمزة فيكون أول كلامه وهو قوله: ((إسناده صحيح بما قبله وهو على شرط مسلم)) لا يتفق مع آخره وهو تضعيف عمر بن حمزة.

فلزم التنبيه، ولتضرب على هذا، ولتعلم أن الحديث صحيح لذاته

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير