تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تمثَّل قول المولى - جل جلاله -: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24]، تخلَّق بالذل بين يديها بقولك وفعلك، لا تَدْعُها باسمها؛ بل نادها بلفظ الأم؛ فهو أحبُّ إلى قلبها، لا تجلس قبلها، ولا تمشِ أمامها، قابلها بوجه طلق وابتسامة وبشاشة، تشرف بخدمتها، وتحسس حاجاتها، إن طلبت فبادر أمرها، وإن سقمت فقُمْ عند رأسها، أَبْهِجْ خاطرها بكثرة الدعاء لها، لا تفتأ أن تدخل السرور على قلبها؛ قدم لها الهدية، وزفَّ إليها البشائر, واستشعر وأنت تقبل وتعطف على أبنائك عطف أمك وحنانها بك, وردِّد في صبحٍ ومساءٍ: {رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24].

أيها البارُّ بأمه:

إن كانت غاليتك ممن قضَتْ نَحْبَها ومضت إلى ربها؛ فأكثر من الدعاء والاستغفار لها، وجدِّد برَّك بها بكثرة الصدقة عنها, وصلة أقاربك من جهتها.

جاء رجلٌ إلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، هل بقي من برِّ أبويَّ شيءٌ أبرُّهُما به بعد موتِهما؟ قال: ((نعم؛ الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدِهِما من بعدهما، وصلة الرَّحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما)).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14].

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أنَّ سيدنا مُحمَّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه وإخوانه، وسلِّم تسليمًا كثيرًا، أمَّا بعد ..

فيا إخوة الإيمان:

وأشقى الناس في دنيا الناس: مَنْ لم يَصِل للأم برًّا، ولم يعرف لها حقًّا!

إن العين لتدمع، وإن القلب ليعتصر ألمًا من صور العقوق بالأمهات، تقشعر لها الأبدان، وتكره سماعها الآذان.

تأنُّف في وجه الأمهات، وألسنة حداد على صاحبة الفضل والجود!! أساء وما أحسن مَنْ علا صوتُه صوتَ أمِّه، ما برَّ - وايم الله - مَنْ أذاق الأم غَصَصَ الهمِّ والهموم، وكان سببًا في استعبارها وبكائها، وما برَّ أيضًا مَنْ أشغلته دنياه، وأسكره طنين المال؛ فلم يعرف أمه إلا غبًّا.

عقوق الأمهات - عباد الله - من المعاصي المحرمات والكبائر المهلكات؛ ففي الحديث الصحيح يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله حرَّم عليكم عقوق الأمهات))، وفي الحديث الحسن يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثةٌ لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاقُّ لوالديه، ومدمن الخمر، والمنَّان))؛ رواه النسائي وغيره.

عقوق الأمهات سببٌ للعقوبة في الحياة قبل الممات؛ يقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من ذنب أجدر أن يعجِّل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخره له في الآخرة - من البغي وقطيعة الرحم))؛ رواه الإمام أحمد وغيره، وهو حديثٌ صحيح.

فيا من عقَّ أمه، ويا من أتعبها وأبكاها:

استدرك الحال، واستشعر قباحة الفعال، تذكَّر - يا مَنْ قصَّرت مع أمك - أن وجود الأم في حياتك نعمة عظيمة، وأمنية تاقت لها صدور مكلومة، وبها تنال رضى الله تعالى؛ فرضى الله في رضى الوالدين، ومن طريقها تَنال كنوز الأجور وبحار الحسنات التي لا تنالها إلا من طريقها.

تذكَّر أخي المقصِّر مع أمِّه ليلة تصبحها بلا أمٍّ مشفقة، لك داعية، وعنك سائلة، تذكر يومًا تحثو فيه التراب على صاحبة القلب الرهيف والجسم الضعيف.

تذكر ساعةً تدخل فيها المنزل، فلا تسمع صوتها ولا تبصر رسمها!!

فاستغفر ربك أخي المقصِّر، وعاهد نفسك من هذا المكان على استدراك ما فات بالبر والإحسان فيما هو آت, فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان!

اللهم صلِّ على محمد، وعلى آله وصحبه في العالمين.

الرابط ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2748)

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[23 - 05 - 08, 04:58 ص]ـ

وهذا رد لأحد الزوار وجدته في نفس الصفحة يستحق النقل

1 - لا رأفة فوق رأفة الأم إلا رأفة الله عز وجل!

الحسين أشقرا - المغرب - 22/ 05/2008 08:01 Am

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير