ـ[ابن وهب]ــــــــ[28 - 05 - 08, 11:27 ص]ـ
قال ابن كثير
(وقال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن أبي خالد بن دينار حدثنا أبو العالية قال: لما افتتحنا تستر وجدنا في مال بيت الهرمزان سريرا عليه رجل ميت عند رأسه مصحف فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر بن الخطاب فدعا له كعبا فنسخه بالعربية فأنا أول رجل من العرب قراه قرأته مثل ما أقرأ القرآن هذا فقلت لأبي العالية ما كان فيه؟ قال: سيركم وأموركم ولحون كلامكم وما هو كائن بعد قلت: فما صنعتم بالرجل؟ قال: حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبرا متفرقة فلما كان بالليل دفناه وسوينا القبور كلها لنعميه على الناس فلا ينبشونه قلت: فما يرجون منه قال: كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطرون قلت: من كنتم تظنون الرجل: قال: رجل يقال له دانيال قلت: منذ كم وجدتموه قد مات؟ قال: منذ ثلاثمائة سنة قلت: ما تغير منه شيء؟ قال: إلا شعرات من قفاه إن لحون الأنبياء لا تبليها الأرض ولا تأكلها السباع
وهذا إسناد صحيح إلى أبي العالية ولكن إن كان تاريخ وفاته محفوظا من ثلاثمائة سنة فليس بنبي بل هو رجل صالح لأن عيسى ابن مريم ليس بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نبي بنص الحديث الذي في البخاري والفترة التي كانت بينهما أربعمائة سنة وقيل ستمائة وقيل ستمائة وعشرون سنة وقد يكون تاريخ وفاته من ثمانمائة سنة وهو قريب من وقت دانيال إن كان كونه دانيال هو المطابق لما في نفس الأمر فإنه فد يكون رجلا آخر إما من الأنبياء أو الصالحين ولكن قربت الظنون أنه دانيال لأن دانيال كان قد أخذه ملك الفرس فأقام عنده مسجونا كما تقدم
وقد روى بإسناد صحيح إلى أبي العالية أن طول أنفه شبر وعن أنس بن مالك بإسناد جيد أن طول أنفه ذراع فيحتمل على هذا أن يكون رجلا من الأنبياء الأقدمين قبل هذه المدد والله تعالى أعلم)
وحول ستمائة سنة
ففي فتح الباري
(قَوْله: (فَتْرَة بَيْن عِيسَى وَمُحَمَّد عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام سِتّمِائَةِ سَنَة)
وَالْمُرَاد بِالْفَتْرَةِ الْمُدَّة الَّتِي لَا يُبْعَث فِيهَا رَسُول مِنْ اللَّه، وَلَا يَمْتَنِع أَنْ يُنَبَّأ فِيهَا مَنْ يَدْعُو إِلَى شَرِيعَة الرَّسُول الْأَخِيرَة وَنَقَلَ اِبْن الْجَوْزِيّ الِاتِّفَاق عَلَى مَا اِقْتَضَاهُ حَدِيث سَلْمَان هَذَا، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْخِلَاف فِي ذَلِكَ مَنْقُول، فَعَنْ قَتَادَةَ خَمْسمِائَةِ وَسِتِّينَ سَنَة أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْهُ، وَعَنْ الْكَلْبِيّ خَمْسمِائَةِ وَأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ أَرْبَعمِائَةِ سَنَة. وَوَجْه تَعَلُّق هَذِهِ الْأَحَادِيث بِإِسْلَامِ سَلْمَان الْإِشَارَة إِلَى أَنَّ الْأَحَادِيث الَّتِي وَرَدَتْ فِي سِيَاق قِصَّته مَا هِيَ عَلَى شَرْط الْبُخَارِيّ فِي الصَّحِيح، وَإِنْ كَانَ إِسْنَاد بَعْضهَا صَالِحًا، وَأَمَّا أَحَادِيث الْبَاب فَمُحَصَّلهَا أَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْد أَنْ تَدَاوَلَهُ جَمَاعَة بِالرِّقِّ، وَبَعْد أَنْ هَاجَرَ مِنْ وَطَنه وَغَابَ عَنْهُ هَذِهِ الْمُدَّة الطَّوِيلَة حَتَّى مَنَّ اللَّه عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ طَوْعًا.
تنبيه قول العماد
(إسناده جيد) عن أثر أنس بن مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عنه فإن كان المقصود الذي عند أبي بكر بن أبي شيبة فهو
أعلى من أن يقال فيه إسناده جيد
بل هو إسناد صحيح وقوي
وقوله عن أثر أبي العالية من زيادات يونس بن بكير على سيرة ابن إسحاق
(إسناده صحيح) فهذا الاطلاق محل نظر لأن يونس بن بكير لا يقال عن حديث رواه إسناد صحيح
ثم هذا محل نظر من جهة أن يونس رواه في زياداته على سيرة ابن إسحاق
والذي هنا روايته عن ابن إسحاق
فهو موضع نظر
وقد نص الإمام أحمد النميري الحراني وغيره على أن هذا الأثر من زيادات يونس على سيرة ابن إسحاق
وكذا هو في السيرة
من زيادات يونس بن بكير عن ابن إسحاق
ففي السيرة
(حدثنا أحمد قال: نا يونس بن بكير عن أبي خلدة خالد بن دينار قال: نا أبو العالية قال: لما فتحنا تستر، وجدنا في بيت مال الهرمزان سريراً عليه رجل ميت، عند رأسه مصحف له، فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر بن الخطاب، فدعا له كعباً، فنسخه بالعربية، فأنا أول رجل من العرب قرأه، قرأته مثلما أقرأ القرآن هذا، فقلت لأبي العالية: ما كان فيه؟ فقال: سيرتكم وأموركم، ولحون كلامكم، وما هو كائن بعد، قلت: فما صنعتم بالرجل؟ قال: حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة، فلما كان الليل دفناه، وسوينا القبور كلها، لنعميه على الناس، لا ينبشونه، قلت: وما يرجون منه؟ قال: كانت السماء إذا حبست عليهم، برزوا بسريره فيمطرون، قلت: من كنتم تظنون الرجل؟ قال: رجل يقال له دانيال، فقلت: منذ كم وجدتموه مات؟ قال: منذ ثلاثمائة سنة، قلت: ما كان تغير بشيء؟ قال: لا، إلا شعيرات من قفاه، إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض، ولا تأكلها السباع.
)
أحمد راوية السيرة عن يونس بن بكير رواية سيرة ابن إسحاق عن ابن دينار لا علاقة لا بن إسحاق بالأثر
فإذا الأثر هو من زيادات يونس على سيرة ابن إسحاق
والله أعلم
)
¥