تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم ما يدريهم أن الكمية المتوقعة قبل التجربة كذا وبعد التجربة كذا، لاشك أن هذا تخمين وظن لا يستند في الواقع على أي دليل، بل قد ورد الدليل الشرعي على أن ما ينزل من السماء من مطر فهو بأمر الله وبقدرته، وأنه مقدر من عند الله، وليس للناس فيه أدنى عمل أو تصرف، يقول الله سبحانه: "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ" [الحجر:21]، ويقول -جل جلاله-: "وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ" [المؤمنون:18]، ويقول سبحانه: "وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ" [الزخرف:11].

وإذا كان نزول المطر بأمر الله وحده، وهو من علم الغيب الذي استأثر الله به كما في قوله سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ" [لقمان:34]، فالله هو المنفرد بإنزال المطر، وهو الذي يعلم وقت نزوله (10) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8708#19)، إذا كان الأمر كذلك، فقد شرع الله لعباده المؤمنين أمراً هو أرجى من محاولات الاستمطار التي لم يثبت نجاحها، ألا وهو دعاءه سبحانه، وطلب السقيا منه، فالمطر من فضل الله ورحمته، الذي يستجلب بدعائه والتضرع إليه سبحانه، ولقد أصاب الناس على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- قحط، وتأخر نزول المطر عنهم، فطلبوا منه –صلى الله عليه وسلم- سؤال ربه الغيث، فأجابهم لذلك، كما روى البخاري وغيره عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: أصابت الناس سَنة على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- فبينا النبي –صلى الله عليه وسلم- يخطب في يوم جمعة قام أعرابي، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه، وما نرى في السماء قزعة، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره، حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته –صلى الله عليه وسلم-، فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد وبعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى " الحديث (11) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8708#21).

كما ثبت أيضاً: " أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خرج بالناس يستسقي, فصلى بهم ركعتين وحوّل رداءه , ورفع يديه , فدعا واستسقى, واستقبل القبلة" (12) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8708#23).

وإلى ما ورد في هذا الحديث وما شابهه من الأحاديث والآثار عن الصحابة ومن بعدهم ذهب أكثر الفقهاء، فنصوا على مشروعية صلاة الاستسقاء إذا أجدبت الأرض وتأخر نزول المطر، فيخرج الناس مع الإمام، كما فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه من بعده (13) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8708#25).

وقد جاء في القرآن التذكير بأن نزول المطر وغيره من البركات، يكون بطاعة الله سبحانه واستغفاره، ومن ذلك قوله سبحانه على لسان هود عليه السلام: "وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ" [هود:52]، وقوله سبحانه على لسان نوح: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً" [نوح:10 - 11].

هذا هو الأولى بالناس والمشروع لهم عند حاجتهم إلى المطر، أن يلجئوا إلى الله ويتوبوا إليه، ويكثروا من الاستغفار والعمل الصالح، يقول سبحانه: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" [الأعراف:96].

هذا هو حكم الاستمطار - فيما يظهر لي – أنه لا بأس به ولا مانع منه، وإن كان الأولى عدمه، خاصة عند التحقق من عدم فائدته أو ثمرته، فإن المجازفة في ذلك قد تكلف أموالاً طائلة، وأوقاتاً طويلة، لو صرفت في غير ذلك مما هو نافع كان أولى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير