وقال الحافظ أيضا في تلخيص الحبير (4/ 93) وفي تقبيل اليد أحاديث جمعها أبو بكر بن المقري في جزء جمعناه منها حديث بن عمر في قصة قال: فدنونا من النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده ورجله. رواه أبو داود. ومنها حديث صفوان بن عسال قال: قال زفر لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي .. الحديث،وفيه: .. فقبلا يده و قالا نشهد أنك نبي رواه أصحاب السنن بإسناد قوي. ومنها حديث الزارع أنه كان في وفد عبد آلاف قال: فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم .. الحديث رواه أبو داود. وفي حديث الإفك عن عائشة قالت: فقال لي أبو بكر: قومي فقبلي رأسه وفي السنن الثلاث عن عائشة قالت: ما رأيت أحدا كان أشبه سمتا وهديا ودلا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، وكان إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكانت إذا دخل عليها قامت إليه، فأخذت بيده فقبلته، وأجلسته في مجلسها.
قال أبو الطيب (عون المعبود 14/ 90) وقال الأبهري: إنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظيم لمن فعل ذلك به، فأما إذا قبل إنسان يد إنسان أو وجهه أو شيئا من بدنه ما لم يكن عورة على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز. وتقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم يقرب إلى الله، وما كان من ذلك تعظيما لدنيا أو لسلطان أو لشبهه من وجوه التكبر فلا يجوز.
قال الإمام المناوي في فيض القدير (6/ 11): إنما اختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك وأنكر ما روي فيه، وأجازه آخرون لأن كعب بن مالك وصاحبيه قبلوا يد الرسول صلى الله عليه وسلم،وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم، وجمع بأن المكروه تقبيل التكبر والتعظيم، والمأذون فيه ما كان على وجه التقرب إلى الله لدين أو علم أو شرف ولهذا قال النووي: تقبيل اليد لنحو صلاح أو علم أو شرف ونحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يندب، ولنحو غنى أو شوكة أو وجاهة ثم أهل الدنيا مكروه شديد الكراهة.
قال الشيخ الألباني رحمه الله: (السلسلة الصحيحة1/ 252 - 253)
وأما تقبيل اليد ففي الباب أحاديث وآثار كثيرة، يدل مجموعها على ثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنرى جواز تقبيل يد العالم إذا توفرت الشروط الآتية:-
1 - ألا يتخذ عادة بحيث يتطبع العالم على مد يده إلى تلامذته ويتطبع على التبرك بذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وإن قبلت يده فإنما كان على الندرة، وما كان كذلك فلا يجوز أن يجعل سنة مستمرة كما هو معلوم من القواعد الفقهية.
2 - ألا يدعو ذلك إلى تكبر العالم على غيره، ورؤيته لنفسه كما هو الواقع مع بعض المشايخ اليوم
3 - ألا يؤدي ذلك إلى تعطيل سنة معلومة، كسنة المصافحة، فإنها مشروعة بفعله صلى الله عليه وسلم وقوله، وهي سبب تساقط ذنوب المتصافحين كما روي في غير ما حديث واحد، فلا يجوز إلغاؤها من أجل أمر أحسن أحواله أنه جائز.
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
سئل عن حكم تقبيل اليد؟
فأجاب: تقبيل اليد احتراما لمن هو أهل للاحترام كالأب والشيخ الكبير والمعلم لا بأس به إلا إذا خيف منه الضرر، وهو أن يعجب الذي قبلت يده ويرى أنه في مقام عالٍ فهنا نمنعها لأجل هذه المسألة (فتاوى الباب المفتوح 177و2)
الخلاصة
يتضح من الأدلة السابق ذكرها جواز تقبيل يد أصحاب الفضل من العلماء والمجاهدين والزهاد والعباد وكذا الإمام العادل والأبوين وصاحب شيبة الإسلام ونحوهم على سبيل التوقير والإجلال
ويزداد استحباب ذلك في زمان الفتن وأوقات المحن التي يمتهن فيها العلماء، ويتجرأ عليهم فيها السفهاء، ويتصدر فيها الغلمان، ويستعلي فيها الصبيان، فيزداد حينئذ استحباب توقير أهل العلم والفضل وتبجيلهم ومن علامات ذلك تقبيل اليد اعترافا بفضلهم من جهة وتأدبا بين أيديهم من جهة أخرى.
ويكره تقبيل أيدي غير هؤلاء السابق ذكرهم كتقبيل أيدي أصحاب الأموال والمناصب ونحوهم،وتزداد الكرهة بل يحرم تقبيل أيدي علماء الضلالة وأصحاب الأهواء والمبتدعة وكذلك إخوانهم من الفساق والظلمة وأهل الجور والطغيان، فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يقال للفاسق (يا سيدنا) فكيف بتقبيل يده؟!!
ضوابط تقبيل اليد
1 - أن يكون تقبيل اليد لأهل الفضل والخير من العلماء العاملين والأئمة المجاهدين والزهاد والعباد ونحوهم.
¥