ومَنْ نذر ما يعجز عن فعله، وليس في مقدوره - لم يجب عليه الوفاء بنذره، وعليه كفَّارة يمين؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((رأى شيخًا يهادى بين ابنيه؛ فقال: ((ما بال هذا؟))، قالوا: نذر أن يمشي - يعني أن يحجَّ ماشيًا - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله عن تعذيب هذا نفسَه لغنيٌّ))، وأمره أن يركب؛ متفقٌ عليه.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ((مَنْ نذر نذرًا لا يطيقه؛ فكفَّارته كفَّارة يمين))؛ أخرجه أبو داود.
فاتقوا الله أيها المسلمون، واحفظوا أيمانكم، واحذروا النذور التي تكلِّفكم ما لا تطيقون، واجعلوا نشاطكم فيما أوجب الله عليكم، واستجلِبوا النِّعم واستدفعوا النقم بالعمل الصالح والدعاء؛ فلا يردُّ القَدَر إلا الدُّعاء.
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنَّة، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من البيِّنات والحكمة، وأستغفر الله فاستغفروه، إنه كان للأوَّابين غفارا
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد،،،
فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصوه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].
أيها المسلمون:
النَّذْر عبادة لا يجوز صرفها لغير الله تعالى، وصرف النذور للقبور والأضرحة والموتى من أعظم الشرك وأكبر الإثم؛ فلا يحلُّ لمسلم أن ينذر للمشاهد والقبور والأضرحة بناء أو زيتًا أو شمعًا أو دراهم أو طعامًا أو ذبحًا، ومَنْ نذر شيئًا من ذلك وجب عليه التوبة، وحَرُم عليه الوفاء بنذره.
ومَنْ ذبح عند قبر فالذبيحة مَيْتَة يحرم الأكل منها أو توزيعها على الناس، ولو ذكر ذابحها اسم الله عليها، ويجب طرحها أو إطعامها للحيوانات؛ فعن أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم -: ((لا عقر في الإسلام))؛ أخرجه أبو داود؛ قال عبدالرزاق: "كانوا يعقرون عند القبر ببقرة أو شاة"؛ قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [البقرة: 270].
ثم صلُّوا وسلِّموا على أحمد الهادي شفيع الورى، فمَنْ صلَّى عليه صلاةً واحدةً؛ صلَّى الله عليه بها عشرًا.
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك المصطفى ونبيِّك المرتضى؛ نبينا وسيدنا محمد، وارضَ اللهم عن آله الأطهار، وصحابته الأخيار، المهاجرين منهم والأنصار، وعنَّا معهم بمنِّك وجُودك يا عزيز يا غفَّار.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشِّرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم وفق وليَّ أمرنا لما تحب وترضى، اللهم خذ بناصيته للبر والتقوى، وأصلح له بطانته يا رب العالمين.
اللهم ادفع عنا الغلاء، والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصةً، وعن سائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين.
اللهم ارحمْ موتانا، واشفِِ مرضانا، وعافِِ مُبتَلانا، وفكَّ أسرانا، وانصرنا على مَنْ عادانا.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسْقِنا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقِ عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحيِ بلدك الميت. اللهم إنَّا خَلْقٌ من خَلْقِكَ؛ فلا تمنع عنَّا بذنوبنا فضلَك. اللهمَّ جُدْ علينا برحمتك وإحسانك، وتفضَّل علينا بغيثك ورزقك وامتنانك. إليك مَدَدْنَا بالرجاء أَكُفَّنا؛ فحاشاك مِنْ ردِّ الفتى فارغ اليد.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]، اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
من موقع مكتبة المسجد النبوي: http://www.mktaba.org/vb/showthread.php?p=16801#post16801