تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فتنة التوسعة في المسعى والرد على شبهات المجيزين لها]

ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[02 - 06 - 08, 01:20 ص]ـ

من عادة ولاة أمورنا حفظهم الله ومنهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أنهم إذا عرضت لهم مشكلة تتعلق بالدين يستشيرون من أنيطت بهم الفتوى في النوازل وهم هيئة كبار العلماء ولا يسمحون أن يتدخل أحد في الفتوى في مهمات الأمور غيرهم وإنما يصدرون عن رأي هيئة كبار العلماء. ومن ذلك قضية النظر في توسعة المسعى فقد عرضها خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- على الهيئة وأصدرت الهيئة قراراها بالأغلبية بأن تكون التوسعة في زيادة الأدوار الأفقية لئلا يزاد في مساحة المسعى ما ليس منها. كما قررت ذلك قبلهم اللجنة العلمية المشكلة برئاسة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي المملكة العربية السعودية -رحم الله الجميع- وصمم مبنى المسعى بناء على قرارها وجعل له سوران يحيطان به من جهة الغرب والشرق ولم يعترض على ذلك أحد من علماء زمانهم لأن مساحة المسعى قد استغرقت ما بين الصفا والمروة الذين جعلهما الله شعارين على حدود المسعى وقد صعد عليهما النبي -صلى الله عليه وسلم- وسعى بينهما مفسرا بذلك قول الله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) وقال عليه الصلاة والسلام: (خذوا عني مناسككم) والصفا مكان مرتفع عند باب المسجد الحرام وهو أنف أي قطعة من جبل أبي قبيس. والمروة: أنف من جبل قعيقعان ويتحدد السعي في المسافة الواقعة بينهما ولهذا جعلهما الله شعارين أي علامتين على حدود المسعى طولا وعرضا لا يخرج الساعي عنهما وأجمع المسلمون على ذلك إجماعا عمليا جيلا بعد جيل بدليل أن المسجد الحرام قد وسع فيه عدة مرات ولم يوسع المسعى زيادة عما بين الصفا والمروة المرتفعين الموجودين ولم يبحث عن زيادة لهما تحت الأرض لأن الذي تحت الأرض لا يكون شعارا بارزا يصعد عليه فالشعار وهو العلامة لابد أن يكون بارزا مشاهدا –وهما اللذان صعدت عليهما هاجر أم إسماعيل حينما طلبت الغوث لها ولولدها فصار السعي بينهما سنة لمن جاء بعدها إلى يوم القيامة. وبعد صدور قرار هيئة كبار العلماء المذكور تدخلت الصحافة معارضة له واستنجدت بأناس من خارج المملكة مختلفي المشارب واستصدرت منهم فتاوى وآراء مخالفة للقرار الصادر من هيئة كبار العلماء في المملكة بصفة ملفتة للنظر ومخالفة للمألوف في أن قضايا المملكة يختص النظر فيها بعلمائها المعتبرين.

قال تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) وكما أن علماء المملكة سياسيا لا يتدخلون في قضايا خارجة عن بلادهم فكذلك يجب أن لا يتدخل غيرهم في قضاياهم. لكن يظهر من هذا الصنيع محاولة الصحافة إسقاط اعتبار علماء المملكة. ولماذا لم يستفت هؤلاء الذين هم خارج المملكة في العرض الأول في عهد الملك سعود والشيخ محمد بن إبراهيم رحمهما الله. والحمد لله جاءت الفتاوى والأقوال المخالفة لقرار هيئة كبار العلماء متهافتة مبنية على شبهات مختلفة. ولو كانت فتاواهم وأقوالهم صوابا لما اختلفت مستنداتها كما قال تعالى: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) – ونحن نعرض هذه الشبهات ونجيب عنها وقد أجاب عنها كثير من الباحثين في هذا الموضوع وحاصلها:

1 - الثناء على جهود خادم الحرمين في خدمة الحجاج ومنها هذه التوسعة في المسعى.

والجواب عن ذلك: أن جهود خادم الحرمين -حفظه الله- واضحة ومشهودة لكن وجودها لا يدل على جواز التوسعة في مشعر من شعائر الله التي يجب أن تعظم.

2 - قالوا أن لولي الأمر النظر في المصلحة وهذا من ذلك.

والجواب: أن النظر في المصالح إنما يكون فيما هو محل للاجتهاد والمشاعر ليست محلا للاجتهاد فالمصلحة في بقائها على حالها وحمايتها والمحافظة عليها فهي شعائر تعبدية ليست مجالا للاجتهاد.

3 - قولهم لم يدل على تحديد المسعى دليل شرعي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير