للفطرة والضمير واحتكامه للعقل ودعوته للعدل؛ وإلا كيف تُفسِّر دخول أمم كالمغول في الإسلام وهم الغازين المنتصرين! , وكيف تُفسِّر تزايد أعداد المسلمين الغربيين اليوم وهم الأكثر حضارةً وتقدمًا تقنيًّا!.
ومن دلائل النبوة قوله عليه الصلاة والسلام مُتَنَبِّئًا قبل معركة بدر: (يُقتل رجل من أهل بيتي ويُقتل أناس من أصحابي) , فصدقت الأحداث النبوءة حيث استشهد حمزة بن عبد المطلب وسبعون من أصحابه, ومن إخباره بالمغيبات برهانًا على أنه كان موصولا بالوحي فيما أنبأ في حديثه غير القرآن الكريم نبوءته عليه الصلاة والسلام بفتح مصر في رواية مسلم: (إنكم ستفتحون مصر .. , فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمةً ورحماً) , ومما بشّر به صلى الله عليه وسلم فتحقق بعده كما أخبر تمامًا فتح اليمن ثم الشام ثم العراق بنفس الترتيب وانتقال المسلمين إلى تلك البلاد تاركين المدينة في قوله صلى الله عليه وسلم: (تُفتح اليمن .. , والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتُفتح الشام .. , والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتُفتح العراق .. , والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) , قال النووي: "قال العلماء في هذا الحديث معجزاتٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر بفتح هذه الأقاليم وأن الناس (ينتقلون) بأهاليهم إليها ويتركون المدينة وأن هذه الأقاليم تُفتح على هذا الترتيب (ووقع) جميعُ ذلك كذلك".
وقد وقع الأمر كما أخبر صلى الله عليه وسلم بغزو أُناس من أمته في البحر ومعهم الصحابيَّة أم حرام بنت ملحان بن خالد الأنصارية خالة الصحابي أنس بن مالك وزوجة الصحابي عبادة بن الصامت رضي الله عنهم جميعاً وإحدى خالات الرسول صلى الله عليه وسلم من الرضاع, وذلك في رواية البخاري: "وضع رأسه ثم استيقظ وهو يضحك، فقلت وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عرضوا على غزاة في سبيل الله .. , قالت: فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم, قال: أنت من الأولين", وكانت بالفعل أول شهيدة في البحر عام 27هـ في زمن معاوية بن أبي سفيان, وما زال قبرها قائمًا في جزيرة قبرص إلى اليوم يشهد لحديثه عليه الصلاة والسلام بالوحي, و"النبوة" في الأصل تعني النبوءة بغيبي يُعلمه اللهُ تعالى للنبي, فكيف يُسْتَبْعَد إذن إخباره عليه الصلاة والسلام بالمغيبات العلمية! , يقول العلي القدير: ?فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النّبِيّ الاُمّيّ الّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتّبِعُوهُ لَعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ? الأعراف 158.
ومن دلائل النبوة في المغيبات العلمية قوله صلى الله عليه وسلم وفق رواية ابن ماجة: (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا) , وجاءت الكشوف العلمية تصديقًا للخبر؛ فمع انتشار الإباحية في المجتمعات الغربية بزعم الحرية الشخصية إلى حد الغواية الإعلامية والدعوة جهارًا إلى الرزيلة وتبني حكومات للشذوذ رسميا ظهرت أمراض جنسية وانتشرت كالطاعون لم تكن معهودة من قبل, فظهر مرض الزهري Syphilis بعد الغزو الفرنسي لإيطاليا عام 1494م مع صحبة فريق رسمي من الغانيات لتسلية الجنود, وتفيد الوثائق التاريخية انتشار "الباروكة" لتغطية إصابة الرأس في أوروبا قبل أن تُصبح تقليدًا منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي بين الملوك واللوردات والقضاة وحتى القساوسة, وقائمة عواقب الإباحية طويلة وهي أكثر الأوبئة انتشارا اليوم خاصة في المجتمعات التي تدعي الديمقراطية والحرية؛ ومنها على سبيل المثال السيلان gonorrhea والهربس Herpes, وفي عام 1979م ظهر مرض فقدان المناعة المكتسبة والمعروف باسم الإيدز Aids لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو يرجع إلى فيروس Virus يهاجم جهاز المناعة ويُفقد الجسم نظام دفاعه فيصبح عرضة لغزو أنواع من الفطريات والبكتريا لا تقوى على إصابته في الظروف الاعتيادية حتى تقضى عليه أو يظل رهنًا للألم والأوجاع، إن هذا الحديث يكشف لنا عن سنة العقوبة للمجتمعات التي تسعى نحو الرزيلة وتنتهك الفضيلة وإن ادعت الرَّشَاد, ومثله كدليل على الوحي في السنة النبوية أنباء عديدة شملت خفايا في علم الأجنة كتخلق الجنين من الأبوين والوقاية من الأمراض ووضع قاعدة الحجر الصحي قبل أن يُصبح اليوم قانونًا مدنيًّا
¥