هذا آكد فى حد العرف واعتباره فى التفرق، فأحد رواة أحاديث الباب،وهو ابن عمر رضى الله عنه، يرى التفرق من المجلس ببضع خطوات فقط وكان يفعله، وهناك رواية عن قيامه من الجلوس فى نفس المجلس، وحديث ابى برزة رضى الله عنه يدل على انه لم ير ذلك، بل اعتبر وجود المتابيعين فى محل مبيتهما هو امتداد لمجلس العقد، ولا شك ان احدهما او كليهما قد توارى عن صاحبه لحاجة او لغائط او بنوم، او ما الى ذلك، فكان رأيه رضوان الله عليه هو اعتبار المكان فى مجلس العقد، وليس المدة الزمنية التى تم فيها البيع والشراء، فهو رأى ان العرف لا يعتبر الا تواجد الأبدان فى محل العقد
،، فلذلك كان مرد اعتبار وقوع التفرق هو الى العرف،، والله اعلم
وقولك:
الذي يظهر أنه لا علاقة بالقصد في تمييز التفرّق، فلو هرب أحدهما من الآخر عدّ تفرّقاً عند ابن قدامة رحمه الله، وكذلك لو أغلق أحدهما الهاتف بعد انعقاد العقد عدّ تفرّقاً؛ لانقطاع التواصل بينهما حينئذٍ، فلا كلام ولا خبر، والله تعالى أعلم.
هنا مكمن الهوة بينى وبينك، فانت تعتبر إرادة فعلهما سواء بقصد او بدونه او بهروب احدهما فى وقوع التفرق
وحالتنا هذه فى وقوع التفرق بغير إرادة، كالمكره مثلا، او المجبر على ترك المجلس،، ففرق بين الإرادة التى تمكن الشخص من الفعل، ودون من حيل بينه وبينها
فالأول، كما تفضلتم عند بعض الفقهاء والمذهب من الحنابلة، لاعبرة برضى احد المتبايعين فى لزوم العقد اذا هرب الآخر، او فارق بقصد او عن غير قصد
والثانى كمن اضطر الى مفارقة مجلس العقد إضطرارا، او أُلجئ اليه، فهذا لا يبطل خياره او ينتهى،،
جاء فى منتهى الارادات:
ويبقى خيار مجلس حيث ثبت إلى أن يتفرقا للخبر بما بعده الناس تفرقا عرفا لإطلاق الشارع التفرق وعدم بيانه فدل أنه أراد ما يعرفه الناس كالقبض والإحراز فإن كانا في مكان واسع كمجلس كبير وصحراء فبمشي أحدهما مستدبرا لصاحبه خطوات ولو لم يبعد عنه بحيث لا يسمع كلامه في العادة خلافا للإقناع وإن كانا في دار كبيرة ذات مجالس وبيوت فبمفارقته إلى بيت آخر أو مجلس أو صفة أو نحوها وإن كانا في دار صغير فبصعود أحدهما السطح أن بخروجه منها وإن كانا بسفينة كبيرة فبصعود أحدهما أعلاها إن كانا أسفل أو نزوله أسفلها إن كانا أعلاها وإن كانت صغيرة فبخروج أحدهما منها بأبدانهما فإن حجز منهما بنحو حائط أو ناما لم يعد تفرقا لبقائهما بأبدانهما بمحل عقد وخيارهما باق ولو طالت المدة أو أقاما كرها و يبقى خيارهما إن تفرقا مع إكراه لهما أو لأحدهما على التفرق أو تفرقا مع فزع من مخوف كسبع أو ظالم خشياه فهربا منه أو تفرقا مع إلجاء كتفرق بسيل أو نار أو نحوهما أو تفرقا مع حمل لهما لأن فعل المكره والملجأ كعدمه فيستمر خيارهما إلى أن يتفرقا من مجلس زال فيه إكراه أو إلجاء وإن أكره أحدهما ونحوه بقي خياره إلى ذلك وبطل خيار صاحبه - انتهى
فأنا ارى ان المتابيعين اللذان يجريان عقدا بالهاتف، ثم انقطع الخط رغما عنهما، كمن اُجبرا على التفرق، فلم يقع منهما ارادة بقصد او بدونه فى التفرق
،، وقد رأيت من العلماء من يعتد بهذا فيثبت الخيار، ومنهم من لا يعتد به استنادا الى نتيجة الفعل وهو التفرق دون اعتبار لغيره كمثل ابن قدامة - رحمه الله، فهو يرى ان التفرق قد وقع بغض الطرف عن ارادة لوقوعه او باجبار.
هذا ما لدىّ، واستعير قولك:
فإن كان هذا صواباً فمن الله أولا، ثم ببركة المذاكرة مع إخواني الكرام، وإن كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان، والله تعالى أعلم.
،، واهلا بك أخى الكريم ابا عبد الله
بارك الله فيكم ونفع بكم
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 11:21 م]ـ
خلاصة (المدارسة والمذاكرة) في المسألة الثانية (مسألة هل ينقطع خيار المتبايعين بانقطاع الاتصال بينهما ام لا؟):
اختلف الاخوة الاحبة المشاركون في هذه الصفحة على قولين:
فيرى العبد الضعيف ابو عبدالله السبيعي والشيخ الكريم حمد بن صالح المري ان الخيار ينقطع بينهما.
ويرى أخونا الحبيب: الشيخ مصطفى رضوان ان الخيار لا ينقطع كما لو اكرها على التفرق فلا ينقطع خيارهما لأن فعل المكره كعدمه - كما قرره صاحب منتهى الارادات رحمه الله
ولنا انه تفرق بين متعاقدين فينقطع به خيارهما كما لو فارق احدهما الاخر بغير رضاه كفعل ابن عمر , فالمُفارَق هنا كالمكره لانه فراق بغير اذنه وعلمه فأشبه المكره ومع ذلك فيلزمه البيع وينقطع خياره , فدل على انه لا عبرة برضا المتعاقدين واذنهما فاستوى فيه حال الاختيار وحال الاكراه
وما ذكروه من كون فعل المكره كعدمه فهو صحيح ولكن في غير الخيار فقد دل الدليل على عدم اعتباره كما قدمناه فهو كالمخصوص من العام
ثم قد دل النص على ان العبرة بمجرد التفرق وهو حاصل هنا بانقطاع الاتصال فينقطع الخيار اذاً.
ولا يرد عليه ان التفرق المراد هو التفرق بالابدان وهو غير حاصل هنا , فانه لما تعذر في هذه الحالة فاما ان يقال لا خيار مطلقا هنا لتعذر الابدان , وهو باطل اذ لا قائل به - فيما اعلم
واما ان يقال الخيار باق ابدا حتى يلتقيا ثم يتفرقا , ولا قائل بهذا ايضا , فوجب اعتبار بقاء الاتصال بينهما بالهاتف كمجلس للخيار بينهما , وغايته انتهاء الاتصال بينهما , فوجب انقطاع الخيار به اذاً , ويستوي فيه انتهاؤه عمدا او كرها لأنه تفرق بين متعاقدين فيلزم به البيع
واما العرف فهو معتبر في تحديد التفرق المعتبر , لا في اعتبار نفس التفرق. والكل يعرف ان انتهاء الاتصال هو تفرق بلا شك , ولا يعرف هنا تحديد للتفرق. ولا نفيٌ لكون انقطاع الاتصال يعتبر تفرقا , فوجب اعتبار ذات التفرق وهو مجرد انقطاع الاتصال فيلزم البيع بمجرد حصوله كما لو تبايعا في غرفة فخرج منها احدهما فينقطع الخيار لانه تفرق عن مجلس العقد.
فكل تفرق في الحقيقة لا ينفيه العرف فهو تفرق معتبر ولو لم يشهد به العرف.
والله تعالى اعلم.
¥