فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثلٍ، سواءً بسواء، يداً بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ) رواه مسلم (1587).
والعملات الورقية لها حكم الذهب والفضة من حيث الزكاة، ومن حيث اشتراط التقابض عند بيعها، والحديث نصٌّ بيِّن في اشتراط التقابض عند بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، وعليه: فلا يجوز بيع عملة بعملة إلا بشرط التقابض في مجلس العقد.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
فالعملة لا تباع بمثلها إلا يداً بيد مثْلا بمثل، وإذا كانت عملة بعملة أخرى كريال بالدولار، أو جنيه إسترليني بغيره: جاز البيع يداً بيدٍ، بدون تأجيل، ولو تفاضلا، فالطرق الشرعية موجودة وكافية - بحمد الله - وليس الناس بحاجة إلى الربا، لولا أن الشيطان يدعوهم إلى ذلك، ويزين لهم الفائدة السريعة بالربا.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (7/ 294، 295).
وقال الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله:
لا بأس في التجارة بالعملة، وهو بيع نقدٍ بنقد، ولكن بشرط التقابض قبل التفرق، سواء سلَّم العيْن واستلم ما يقوم مقامها من الشيكات المصدَّقة الموثقة، وسواء كان المتصارفان مالكيْن أو وكيليْن، فإن كان العرف ليس على هذه الصفة: فلا يجوز، وفاعله عاصٍ بفعله، وناقص الإيمان.
" فتاوى إسلامية " (2/ 364).
ووجود القبض يداً بيدٍ في الهاتف والإنترنت مع الغياب والبعد من المستحيلات، ولذا فإن العلماء المعاصرين قالوا بجواز بيع العملات بالهاتف والإنترنت في حال وجود ما يقوم مقام القبض، وهو التحويل المباشر من حساب البائع إلى حساب المشتري، أو تسلُّم وكيل للمشتري شيكات بنكية مصدَّقة باسم الطرف الآخر، وهو ما قال به مجلس الفقه الإسلامي، وهذا نص ما قال:
إن مجلس الفقه الإِسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 إلى 23 شعبان 1410هـ الموافق 14 - 20 آذار (مارس) 1990 م.
بعد إطِّلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: " القبض: صوره وبخاصة المستجدة منها وأحكامها ".
واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.
قرر:
أولاً:
قبض الأموال كما يكون حسيّاً في حالة الأخذ باليد، أو الكيل أو الوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض، يتحقق اعتباراً وحكماً بالتخلية مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حسّاً، وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها واختلاف الأعراف فيما يكون قبضاً لها.
ثانياً:
إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعاً وعرفاً:
1. القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية:
(أ) إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.
(ب) إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.
(ج) إذا اقتطع المصرف - بأمر العميل - مبلغاً من حساب له إلى حساب آخر بعملة أخرى، في المصرف نفسه أو غيره، لصالح المستفيد أو لعميل آخر، وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية.
ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلاَّ بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي.
2. تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه وحجزه المصرف" انتهى.
" مجلة المجمع " (العدد السادس، 1/ 453)، " قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي " (ص 113، 114).
وقد نبّه العلماء المختصون في المعاملات المالية المعاصرة أن بيع العملات عن طريق الإنترنت لا يحصل فيه التقابض، فيكون محرما شرعا.
¥