[استفسار عن مسألة في باب المياه من المغني]
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 - 06 - 08, 04:35 ص]ـ
الإخوة والمشايخ الكرام بارك الله فيكم.
معلوم أن الماء المستعمل هو الماء المنفصل عن أعضاء المتطهر، فإن كانت هذه الطاهرة واجبة كان الماء طاهرًا غير مطهر، وإن كانت الطهارة مستحبة كان الماء طهورًا مكروهًا هذ هو المذهب عند الحنابلة رحمهم الله تعالى.
ولقد عفى الحنابلة رحمهم الله تعالى عما يتساقط من أعضاء المتطهر – إن كان يسيرًا - في إنائه كما جاء في المغني:
" فَصْلٌ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ فِي الْمَاءِ مَاءً مُسْتَعْمَلًا عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْت لِأَحْمَدَ الرَّجُلُ يَتَوَضَّأُ، فَيَنْتَضِحُ مِنْ وَضُوئِهِ فِي إنَائِهِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ.
وَنَحْوُهُ عَنْ الْحَسَنِ.
وَهَذَا ظَاهِرُ حَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ مِنْ الْأَقْدَاحِ وَالْأَتْوَارِ، وَيَغْتَسِلُونَ مِنْ الْجِفَانِ، وَقَدْ رُوِيَ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ هُوَ وَمَيْمُونَةُ مِنْ جَفْنَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ} {وَاغْتَسَلَ هُوَ وَعَائِشَةُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِيهِمَا فِيهِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: أَبْقِ لِي}.
وَمِثْلُ هَذَا لَا يَسْلَمُ مِنْ رَشَاشٍ يَقَعُ فِي الْمَاءِ، وَإِنْ كَثُرَ الْوَاقِعُ وَتَفَاحَشَ مُنِعَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. "
وجاء أيضًا:
"وَإِنْ انْضَمَّ – أي المستعمل - إلَى مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَكَثُرَ الْمُسْتَعْمَلُ وَلَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ مُنِعَ، وَإِنْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ بِاجْتِمَاعِهِ فَكَذَلِكَ ".
فيفهم من ذلك أنه إن انضم مستعمل إلى ما دون القلتين وقل المستعمل فالماء ما زال طهورًا.
فنفهم من ذلك أن الماء المستعمل لا يؤثر في الماء الطهور القليل إن كان المستعمل قليلًا.
لكن جاء في المغني أيضًا:
"إذَا انْغَمَسَ الْجُنُبُ أَوْ الْمُحْدِثُ فِيمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا، وَلَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ."
ثم قال:
"وَلَنَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {: لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ بِانْفِصَالِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْمَاءِ عَنْ بَدَنِهِ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا، فَلَمْ يَرْتَفِعْ الْحَدَثُ عَنْ سَائِرِ الْبَدَنِ، كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ فِيهِ شَخْصٌ آخَرُ."
والسؤال أليس قوله: "وَلِأَنَّهُ بِانْفِصَالِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْمَاءِ عَنْ بَدَنِهِ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا " يخالف ما تقرر سابقًا أن الماء المستعمل لا يؤثر في الماء القليل إن كان المستعمل قليلًا؛ لأنه لم يفصل بل أطلق القول.
أو يقال إن انغماس المتطهر أو عضو منه في الماء يسلب الماء طهوريته مباشرة، يعني نفرق بين تساقط الماء من أعضاء المتطهر إلى الإناء، وبين انغماس المتطهر أو عضو منه فيما دون القلتين، فالأول يبقى طهورًا مالم يفحش الماء المستعمل، والثاني تُسلب طهوريته سواء قل أو كثر الماء المستعمل.
فهل فهمي صحيح؟؟
وجزاكم الله خيرًا.
ـ[أبو أنس النجدي]ــــــــ[09 - 06 - 08, 07:50 ص]ـ
لا شك أنهم يفرقون بين الصورتين
فالمذهب أن الماء الطهور إذا وقع فيه ماء مستعمل في رفع حدث وكان المستعمل يسيراً فإنه معفو عنه
أما إذا انغمس من عليه حدث في ماء قليل ـ وهو ينوي رفع الحدث ـ صار مستعملاً، ولم يرتفع حدثه، ماعدا أول جزء يرتفع منه فإنه يرتفع حدثه كما حكاه صاحب الحاوي عن الأصحاب، وعبر في الإنصاف بقوله " يرتفع عن أول جزء لاقى ".
والفرق بين الصورتين:
أنه إذا انغمس في الماء صار مستعملاً، فعلة كونه طاهراً هي الاستعمال في رفع الحدث، بشرط أن يكون الماء المنغمس فيه قليلاً.
أما الصورة الأولى، فعلة كونه طاهراً هي مخالطة الماء الطهور اليسير للمستعمل، إلا أنه يعفى عن المستعمل اليسير إذا خالط الطهور.
وفي كلتا الحالتين يشترط كون الماء الطهور قليلاً حتى يكون طاهراً، وإلا لم يصر طاهراً.
وبذلك يتبين أن قولك (والثاني تسلب طهوريته سواء قل أو كثر الماء المستعمل) غير دقيق
والله أعلم 0
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 - 06 - 08, 08:05 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم وأحسن إليكم.
طيب نفترض أن هناك إناء فيه ماء دون القلتين فغمس المتطهر رجله بنية رفع الحدث، ورجله لم تنغمس في الماء كله، بل في جزء منه، فهل يصير الماء كله مستعملًا؟
فهنا ماء طهور خالطه مستعمل يسير، فهل لها نفس الحكم؟
أم أن غمسه لرجله في الإناء حتى وإن لم يعم الإناء كله أفقد الماء طهوريته؟
وجزاكم الله خيرًا.
¥