تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مقابلته بجهله. فمن آذاك بقوله أو فعله لا تؤذه، ومن حرمك لا تحرمه، ومن قطعك فَصِلْه، ومن ظلمك فاعدل فيه ".

وكذلك السنة النبوية فهي مليئة بالأحاديث التي تنظم معاملة الناس قولا وعملا، تنظيرا وتطبيقا، وقد اعتنى العلماء بجمعها ودراستها، وخصصوا لها أبوابا خاصة في كتب السنة ككتاب الأدب الذي نجده في صحيح البخاري، وسنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن ابن ماجه، وغيرها من كتب الحديث، وفي هذا الباب يروي المحدثون أحاديث كثيرة متنوعة في معاملة الإنسان لغيره، من مسلم وكافر وقريب وجار وحيوان ونبات. وإليك بعض عناوين كتاب الأدب من صحيح البخاري: من أحق الناس بحسن الصحبة، صلة الوالد المشرك، صلة الأخ المشرك، فضل صلة الرحم، رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، فضل من يعود يتيما، الساعي على الأرملة، رحمة الناس والبهائم، الوصاة بالجار، كل معروف صدقة، طيب الكلام، الرفق في الأمر كله، تعاون المؤمنين بعضهم بعضا، حسن الخلق والسخاء ومايكره من البخل، كيف يكون الرجل في أهله، ماينهى من السباب واللعن، الغيبة، النميمة من الكبائر، ماقيل في ذي الوجهين، مايكره من التمادح، ماينهى عن التحاسد والتدابر، الكبر، من تجمل للوفود، الإخاء والحلف، التبسم والضحك الصبر في الأذى، من لم يواجه الناس في العتاب، الحذر من الغضب، يسروا ولاتعسروا، الانبساط إلى الناس، المداراة مع الناس. وماذكرته هو ثلث الأبواب الموجودة في كتاب الأدب، ولوتأملت كتاب (استمتع بحياتك) لوجدت أن غالب موضوعاته لاتخرج عن مضمون هذه العناوين.

ولو تتبعتَ جميع الأبواب في جميع كتب الأدب لوجدت مادة ضخمة من النصوص النبوية في معاملة الناس تغنيك عن كل تلك الدورات المستغرِبة، وتعطيك أضعاف ماتعطيكه تلك الدورات، بحقائق مصدرها الوحي لابظنون وتخرصات كما في تلك الدورات المبنية على تجارب ومشاهدات تخطىء وتصيب.

وهناك كتب موضوعية أخرى في كتب الحديث تعنى بهذا الموضوع غير كتاب الأدب ككتاب البر والصلة والآداب في صحيح مسلم، وكتاب البر والصلة في سنن الترمذي، وفي شرح السنة للبغوي، وغيرها. وهناك أبواب لها علاقة بهذا الموضوع تجدها في كتب موضوعية أخرى ككتاب الاستئذان، وكتاب اللباس.

ولم يكتف أئمة الحديث بتخصيص موضوع معاملة الناس بجزء داخل كتب الحديث بل أفردوه بالتصنيف كما فعل ابن أبي شيبة في كتاب الأدب، والبخاري في كتاب الأدب المفرد، وابن أبي الدنيا في كثير من كتبه التي خصصها لموضوعات أدبية تفصيلية، والبيهقي في كتاب الآداب، والخرائطي في مكارم الأخلاق، وغيرهم.

ورأى آخرون من العلماء أن يضيفوا إلى ذلك ماوقفوا عليه من آداب العرب وأشعارهم وقصصهم، وتجاربهم الشخصية فألفوا كتبا جمعوا فيها ذلك، كما فعل الإمام ابن عبدالبر رحمه الله في كتابه الكبير بهجة المجالس وأنس المجالس المطبوع في ألف ومائتي صفحة، قال في أوله: فإن أولى ماعني به الطالب، ورغب فيه الراغب، وصرف إليه العاقل همه، وأكد فيه عزمه بعد الوقوف على معاني السنن والكتاب مطالعة فنون الآداب، ومااشتملت عليه وجوه الصواب من أنواع الحكم .... إلى أن قال: من تقييد الأمثال السائرة، والأبيات النادرة، والفصول الشريفة، والأخبار الظريفة، من حكم الحكماء وكلام البلغاء من أئمة السلف وصالحي الخلف الذين امتثلوا في أفعالهم وأقوالهم آداب التنزيل ومعاني سنن الرسول صلى الله عليه وسلم.

وألف ابن حبان في ذلك كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء، وألف ابن حزم كتاب الأخلاق والسير في مداواة النفوس، وألف ابن الجوزي كتابه صيد الخاطر، وغيرهم.

والمقصود أن موضوع التعامل مع الناس خدمه العلماء من جميع جوانبه بمالامزيد عليه، فينبغي أن تكون دورات فن التعامل مع الناس تعقد على أساس تلك الثروة التي خلفها لنا السابقون، فيدرس كتاب الأدب من صحيح البخاري مثلا، فيخرج المشاركون في تلك الدورة بخير عظيم من نور النبوة لا من فلسفة الغرب

عنوان الكتاب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير