تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سمى الدكتور العريفي كتابه "استمتع بحياتك"، ولم يفصح في مقدمته عن سبب اختياره هذا الاسم، ولا عن مراده به، لكن الذي يظهر من مجمل كلامه في الكتاب أنه يقصد بذلك أن إتقان مهارات التعامل مع الناس والعمل بها يجعل من الحياة متعة، وقد قال في ص 8: " سنتعلم هنا كيفية الاستمتاع بالحياة: أساليب جذب الناس والتأثير فيهم، تحمل أخطائهم، التعامل مع أصحاب الأخلاقيات المؤذية إلى غير ذلك ".

وقال في ص 25بعنوان استمتع بالمهارات: " المهارات متعة حسية، لا أعني بها الأجر الأخروي فقط، لا وإنما هي متعة وفرح تشعر به حقيقة، فاستمتع بها، ومارسها مع جميع الناس".

وقال في ص 196:" إذا أردت أن تستمتع بحياتك فاعمل بهذه القاعدة: لاتهتم بصغائر الأمور".

أقول: ركز المؤلف في هذا الكتاب على جزئية صغيرة جعلها الأساس في الاستمتاع بالحياة، وفاته التذكير بالأصل العظيم الجامع الذي به يسعد الإنسان في حياته وآخرته ألا وهو الإيمان والعمل الصالح، فلا سبيل إلى السعادة الحقيقية والاستمتاع بالحياة مهما كان الإنسان ماهرا في فن التعامل مع الناس مالم يحقق ذلك الأصل العظيم: الإيمان والعمل الصالح كما قال تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} (النحل: 97)، قال ابن القيم رحمه الله: فهذا خبر أصدق الصادقين، ومخبره عند أهله عين، بل حق اليقين فلا بد لكل مَنْ عَمِل صالحا أن يحييه الله حياة طيبة بحسب إيمانه وعمله؛ ولكن يغلط الجفاة الأجلاف في مسمى الحياة حيث يظنونها التنعم في أنواع المآكل والمشارب والملابس والمناكح أو لذة الرياسة والمال وقهر الأعداء والتفنن بأنواع الشهوات، ولا ريب أن هذه لذة مشتركة بين البهائم بل قد يكون حظ كثير من البهائم منها أكثر من حظ الإنسان، فمن لم تكن عنده لذة إلا اللذة التي تشاركه فيها السباع والدواب والأنعام فذلك ممن ينادى عليه من مكان بعيد، ولكن أين هذه اللذة من اللذة بأمرٍ إذا خالط بشاشته القلوب سلا عن الأبناء والنساء والأوطان والأموال والإخوان والمساكن، ورضي بتركها كلها والخروج منها رأسا، وعرض نفسه لأنواع المكاره والمشاق، وهو مُتَحَلٍّ بهذا منشرح الصدر به، يطيب له قتل ابنه وأبيه وصاحبته وأخيه، لا تأخذه في ذلك لومة لائم حتى إن أحدهم ليتلقى الرمح بصدره، ويقول:"فزت ورب الكعبة" ويستطيل الآخر حياته حتى يلقي قوته من يده، ويقول: إنها لحياة طويلة إن صبرت حتى آكلها، ثم يتقدم إلى الموت فرحا مسرورا، ويقول الآخر مع فقره: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن عليه لجالدونا عليه بالسيوف، ويقول الآخر: إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربا، وقال بعض العارفين: إنه لتمر بي أوقات أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب. ومن تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم، لما نهاهم عن الوصال فقالوا: إنك تواصل، فقال: " إني لست كهيئتكم إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني" علم أن هذا طعام الأرواح وشرابها وما يفيض عليها من أنواع البهجة واللذة والسرور والنعيم الذي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذروة العليا منه، وغيره إذا تعلق بغباره رأى ملك الدنيا ونعيمها بالنسبة إليه هباء منثورا بل باطلا وغرورا. (مفتاح دار السعادة 1/ 182)

وقال ابن القيم أيضا: فأعظم أسباب شرح الصدر التوحيد، وعلى حسب كماله وقوته وزيادته يكون انشراح صدر صاحبه قال الله تعالى: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه} (الزمر:22)

وقال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} (الأنعام: 125) فالهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر، والشرك والضلال من أعظم أسباب ضيق الصدر وانحراجه (زاد المعاد 2/ 24).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير