تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال أيضا: وقد عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن إدراك حقيقة الإيمان والإحسان وحصوله للقلب ومباشرته له بالذوق تارة، وبالطعام والشراب تارة، وبوجود الحلاوة تارة، كما قال:"ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ من رضي بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا"، وقال:"ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار "ولما نهاهم عن الوصال؛ قالوا: إنك تواصل قال:" إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى " وفي لفظ " إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني " (مدارج السالكين 3/ 88)

والمقصود أن الإيمان والعمل الصالح هو سبيل السعادة والمتعة بالحياة، فالذي يجد حلاوة الإيمان يجد سعادته ومتعته الحقيقية في إيمانه وعبادته ربه، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: " وكان صلى الله عليه وسلم يقول:"جعلت قرة عينى في الصلاة وكان يقول: " أرحنا يا بلال بالصلاة ولم يقل: أرحنا منها، فمن لم يجد قرة عينه، وراحة قلبه في الصلاة فهو منقوص الإيمان (مجموع الفتاوى 11/ 541).

وعن عبد اللَّهِ بن عَمْرِو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُ بِهِ في كل لَيْلَةٍ فَبَلَغَ ذلك رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: " إني أَخْشَى أَنْ يَطُولَ عَلَيْكَ زَمَانٌ أَنْ تَمَلَّ، اقْرَأْهُ في كل شَهْرٍ" قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ، دعني أَسْتَمْتِعُ من قوتي وشبابي، قال:"اقْرَأْهُ في كل عِشْرِينَ "قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ دعني أَسْتَمْتِعُ من قوتي وشبابي. قال:" اقْرَأْهُ في عَشْرٍ " قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ، دعني أَسْتَمْتِعُ من قوتي وشبابي قال: "اقْرَأْهُ في كل سَبْعٍ "قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ، دعني أستمتع من قوتي وشبابي، فَأَبَى. متفق عليه، وهذا لفظ أحمد في مسنده، والشاهد فيه قول عبدالله بن عمرو في لفظ أحمد " دعني أستمتع من قوتي وشبابي"، فمتعته في العبادة؛ إنهاحلاوة الإيمان في قلبه تجعله يشعر بمتعة شبابه وقوته في صلاته وقيامه بين يدي ربه.

وروى الإمام أحمد رحمه الله في فضائل الصحابة (2/ 814) بسند صحيح عن خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه قال: " ما ليلة تهدى إلي فيها عروس أنا لها محب، أو أبشر فيها بغلام بأحب إلي من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بها العدو ". ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (7/ 34 طبعة الرشد) بلفظ: "ما كان في الأرض ليلة أبشر فيها بغلام وتهدى إلي عروس أنا لها محب أحب إلي من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بهم العدو، فعليكم بالجهاد". فمتعته بالجهاد في تلك الحال الشديدة أعظم من متعته بعروس هو لها محب.

وقال ابن القيم رحمه الله: سَمِعْت شَيْخَ الإِسْلامِ ابْنَ تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ يَقُولُ: إنَّ فِي الدُّنْيَا جَنَّةً مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا لَمْ يَدْخُلْ جَنَّةَ الآخِرَةَ. وَقَالَ لِي مَرَّةً: مَا يَصْنَعُ أَعْدَائِي بِي؟! أَنَا جَنَّتِي وَبُسْتَانِي فِي صَدْرِي، أَيْنَ رُحْت فَهِيَ مَعِي لا تُفَارِقُنِي , أَنَا حَبْسِي خَلْوَةٌ , وَقَتْلِي شَهَادَةٌ , وَإِخْرَاجِي مِنْ بَلَدِي سِيَاحَةٌ. وكان يقول في محبسه في القلعة: لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبا ما عدل عندي شكر هذه النعمة أو قال: ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير، ونحو هذا. وكان يقول في سجوده، وهو محبوس: " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " ما شاء الله. وَقَالَ لِي مَرَّةً: الْمَحْبُوسُ مَنْ حُبِسَ قَلْبُهُ عَنْ رَبِّهِ تعالى , وَالْمَأْسُورُ مَنْ أَسَرَهُ هَوَاهُ. ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال: {فضُربَ بينهم بسُورٍ له بابٌ باطنُه فيه الرحمةُ وظاهرُه مِنْ قِبَلِه العذاب} (الحديد:13). وَعَلِمَ اللَّهُ مَا رَأَيْت أَحَدًا أَطْيَبُ عَيْشًا مِنْهُ قَطُّ مَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْعَيْشِ وخلاف الرَّفَاهِيَةِ وَالنَّعِيمِ بَلْ ضِدِّهَا، ومَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْحَبْسِ وَالتَّهْدِيدِ وَالإِرْجَافِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَطْيَبُ النَّاسِ عَيْشًا وأشرحهم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير