تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم صرخ في وجه أبي ذر، وقال له ذلك بصوت الغاضب، وإنما ذلك مجرد احتمال، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب أباذر بهدوء، ولم يصرخ في وجهه.

فالأسلوب التمثيلي الذي اتبعه الدكتور في سرد الحديث جعل المشاهد والمستمع يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم صرخ في وجه أبي ذر، وكلمه بصوت الغاضب، وليس في الرواية شيء من ذلك، وإنما هو استنتاج من الدكتور العريفي. فأين هذا ممن كان يتحرج من حكاية إشارة النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال الإمام مالك رحمه الله: أما سمعت قول البراء حين حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يضحى بأربع من الضحايا وأشار البراء بيده كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده، قال البراء: ويدي أقصر من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكره البراء أن يصف يد رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له (التمهيد 7/ 146، الفتاوى الكبرى 5/ 94)

والمقصود أن الواجب الالتزام بذكر ماجاء في الرواية وتجنب الزيادة عليها، ولاسيما إذا كانت زيادة يضيفها المتكلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تواترت الأحاديث في النهي عن الكذب عليه، وتوعد من يفعل ذلك، كقوله صلى الله عليه وسلم:" من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" متفق عليه، وقوله:" إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ ليس كَكَذِبٍ على أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ من النَّارِ" متفق عليه، وقوله:" من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " رواه مسلم في المقدمة. واتفق العلماء على أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم من أشد المحرمات، وأنه فاحشة عظيمة، وموبقة كبيرة، وأن من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمدا فى حديث واحد فُسِّق، ورُدَّت رواياته كلها وبطل الاحتجاج بجميعها كما ذكر النووي رحمه الله. وقال النووي: لافرق فى تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم بين ما كان فى الأحكام وما لا حكم فيه كالترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك فكله حرام من أكبر الكبائر وأقبح القبائح بإجماع المسلمين (شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 70)

وحذر العلماء من الإدراج في الحديث بإدخال جملة فيه ليست منه؛ لمايتضمن من عزو الشيء لغير قائله.

قال السيوطي: وَكُلُّه أي الإدراج بأقسامه حرام، بإجماع أهل الحديث والفقه. وعبارة ابن السمعاني وغيره: من تعمد الإدراج فهو ساقط العدالة، وممن يحرف الكلم عن مواضعه، وهو ملحق بالكذابين (تدريب الراوي 1/ 460)

من أمثلة المأخذ الرابع قول المؤلف في ص 128: في يوم من الأيام، وفي خيمة أعرابي في الصحراء، جعلت امرأة تتأوه تلد، وزوجها عند رأسها ينتظر خروج المولود. اشتد المخاض بالمرأة حتى انتهت شدتها وولدت لكنها ولدت غلاما أسود!! نظر الرجل إلى نفسه، ونظر إلى امرأته فإذا هما أبيضان، فعجب كيف صار الغلام أسود. أوقع الشيطان في نفسه الوساوس، لعل هذا الولد من غيرك، لعلها زنى بها رجل أسود فحملت منه لعل .. اضطرب الرجل وذهب إلى المدينة النبوية حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أصحابه، فقال: يارسول الله، إن امرأتي ولدت على فراشي غلاما أسود، وإنا أهل بيت لم يكن فينا أسود قط؟ نظر النبي صلى الله عليه وسلم إليه فإذا الرجل عليه آثار البادية، وإذا هو مضطرب تتزاحم الأفكار في رأسه حول امرأته، فقال له صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: فما ألوانها؟ قال: حمر، قال: فهل فيها أسود؟ قال: لا، قال: فيها أورق؟ قال:نعم، قال: فأنى كان ذلك؟ فكر الرجل قليلا ثم قال: عسى أن يكون نزعه عرق، فقال صلى الله عليه وسلم: " فلعل ابنك هذا نزعه عرق ". قال المؤلف في تخريجه: رواه مسلم، وابن ماجه واللفظ له.

أقول: ذكر المؤلف أن اللفظ الذي نقله هو لفظ ابن ماجه فإليك أيها القارئ الكريم لفظ رواية ابن ماجه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير