تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني قال: أملى علينا أبو محمد عبد الله بن سعيد بن يحيى الكريزي القاضي بنصيبين حفظا في سنة سبع عشرة وثلاثمائة قال: أملاه علي محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة البهراني من كتابه بحلب سنة ست وثلاثين ومائتين قال: أملى علي عبد الله بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس وودعته بالخروج للحج وأنفذها معي إلى الفضيل بن عياض وذاك في سنة سبع وسبعين ومائة: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة تلعب [إلى آخر الأبيات]، قال ابن أبي سكينة: فلقيت الفضيل في المسجد الحرام بكتابه فلما قرأه ذرفت عيناه وقال: صدق أبو عبد الرحمن، ونصح ثم قال لي: أنت ممن يكتب الحديث؟ قلت: نعم يا أبا علي قال: فاكتب هذا الحديث جزاء لحملك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا، فأملى علي الفضيل: حدثنا منصور بن المعتمر عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا نبي الله علمني عملا أنال به ثواب المجاهد في سبيل الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هل تستطيع أن تصلي ولا تفتر وتصوم ولا تفطر "قال: يا نبي الله أنا أضعف من أن أستطيع ذلك قال:" فوالذي نفسي بيده لو طوقت ذلك ما بلغت فضل المجاهد في سبيل الله أما علمت أن فرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب لصاحبه بذلك الحسنات "

والذي يظهر أن الدكتور العريفي خلط بين قصتين: قصة ابن المبارك والفضيل، وقصة أخرى وقعت للإمام مالك، وهي ماذكره ابن عبدالبر في التمهيد 7/ 185أن عبدالله بن عبدالعزيز العمري العابد كتب إلى مالك يحضه إلى الانفراد والعمل ويرغب به عن الاجتماع إليه في العلم، فكتب إليه مالك أن الله عز وجل قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فرب رجل فتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصيام، وآخر فتح له في الجهاد ولم يفتح له في الصلاة. ونشر العلم وتعليمه من أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فتح الله لي فيه من ذلك، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير، ويجب على كل واحد منا أن يرضى بما قسم له، والسلام.

فالذي يظهر أن الأمر اختلط على العريفي فجعل كلام الإمام مالك لابن المبارك في رسالته إلى الفضيل.

تنبيه

قصة ابن المبارك مع الفضيل التي فيها تلك الأبيات المشهورة تفرد بروايتها محمد بن عبدالله بن المطلب أبو المفضل الشيباني فيما وقفت عليه من مصادر هذه القصة، وأبوالمفضل هذا كذبه الدارقطني ووصفه بعدو الله وقال الخطيب: كتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني ثم بان كذبه فمزقوا حديثه وأبطلوا روايته وكان بعد يضع الأحاديث للرافضة (تاريخ بغداد 5/ 466)

ومما يقوي الشك في ثبوت هذه القصة أن الحديث الذي أملاه الفضيل على رسول ابن المبارك من رواية منصور بن المعتمر عن أبي صالح عن أبي هريرة، وقد صرح الإمام أحمد بأن منصور بن المعتمر لم يرو عن أبي صالح ذكوان (انظر الجرح والتعديل 3/ 450). وهذا الحديث ثابت في صحيح البخاري وغيره من رواية أبي حصين عن أبي صالح ذكوان عن أبي هريرة، وفي صحيح مسلم وغيره من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وأستبعد أن يصف الإمام عبدالله بن المبارك اشتغال الفضيل بن عياض بالعبادة باللعب، فالعبادة لايجوز أن توصف بأنها لعب، ومن قرأ ماورد في علاقة ابن المبارك بالفضيل يستبعد أن يخاطب ابن المبارك الفضيل بذلك، فقد كان كثير التوقير للفضيل، ومما نقل عنه قوله: ما بقي على ظهر الأرض عندي أفضل من الفضيل بن عياض، وقوله: إن الفضيل بن عياض صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه، فالفضيل ممن نفعه علمه، وقوله: ما بقي في الحجاز أحد من الأبدال إلا فضيل بن عياض وابنه علي، وقوله: إذا نظرت إلى الفضيل جدد لي الحزن ومقتُّ نفسي، ثم بكى (سير أعلام النبلاء 8/ 432)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير