تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقول: لم يصب الدكتور العريفي في بيان المراد من هذا المثل. والمعنى الذي ذكره لايساعده لفظ المثل، لأن الأصل في استعمال "من" إطلاقها على العاقل كماهو معروف، كما أن واقع العنز يخالفه أيضا، فهي تبع لمالكها وراعيها فإذا أبعد التيس عنها لم تملك أن تأتي لها بآخر.

وإنما المراد من هذا المثل بيان سوء عاقبة من يهمل متابعة أمواله، ويعتمد في ذلك على غيره. هذا ماأعرفه، وقد أفادني جمع من الناس بأنهم لايفهمون منه غير ذلك.

وقد وقفت على مقالة في الشبكة شرح فيها صاحبها هذا المثل، فقال: وهو مثل يضرب للعواقب السيئة التي يحصل عليها من أهمل عمله وماله. والعرب يفضلون أن تلد العنز عناقا (أنثى) لكي تلد مستقبلا ويكثر الحلال، أما أن تلد تيسا فلاخير فيه، فالتيس لايحمل، والتيس الواحد يغني عن مائة تيس، ولكنه لايغني عن عناق واحدة. وطبعا العنز لن تلد إلا ماحملت به حضر صاحبها أم غاب ولكنه إذا غاب ووكل عليها فقد يبدل الوكيل العناق التي ولدتها –إن ولدت عناقا- بتيس لكي يستفيد هو. فصاحب التجارة حين يتركها لعماله يبشر بالخسارة لأنه غاب عنها فلعب عماله فيها على طريقة المثل الشعبي الآخر (غاب القط العب يافار)، ومن غاب عن المقاول الذي يبني بيته أو عمارته فالغالب أن المقاول سوف يغش ويقلل الحديد للاسمنت ويمشي الأمور بأكبر كسب له، وأكبر خسارة ممكنة للمالك، وقس على هذا. وهناك مثل شعبي يختصر ذلك (مال تودعه بعه) فالذي يودع نخله عند غيره سوف يجده مهملا عطشان ردئ التمر، والذي يودع غنمه عند غيره سيجدها نصفها هزيل ونصفها قد مات. والمثل يحض على مباشرة أمورك بنفسك، وعدم الاتكال على الآخرين في الأعمال الهامة وإدارة الأموال فإن المخلص قليل، والأمين أقل. ومثله قولهم (ماحك جلدك مثل ظفرك).

ووقفت على مقالة أخرى ذكر فيها صاحبها أن المقصود بهذا المثل الدعوة إلى الاعتماد على النفس، وذكر له ألفاظا تختلف باختلاف الدول، ومؤداها واحد فذكر أن في سوريا يقال (اللي مايحضر ولادة عنزته تجيب له جرو)، وفي مصر (اللي ولَّد معزته جابت له اثنين وعاشوا، واللي ماولدهاش جابت واحد ومات) وفي الجزيرة العربية (من غاب عن عنزه جابت تيس)، وفي الكويت (من حضر عنزه جابت توم).

وقال المؤلف في ص 325: لا أنسى خبر ذلك الخليفة الذي جلس يوما مع نديمه يضاحكه ويمازحه، فلعب الشيطان برؤوسهما فشربا خمرا، فلما غابت العقول وسيطرت أم الخبائث وصار الواحد منهما أضل من الحمار التفت الخليفة إلى حاجبه وأشار له إلى النديم، وقال: اقتلوه .. فقتلوه وألقوه في بئر مهجورة فلما أصبح الخليفة ... وأخبروه بالقصة فسكت وخفض رأسه متندما ثم قال: رب كلمة قالت لصاحبها دعني.

أقول: الذي ذكره أهل الاختصاص في قصة هذا المثل يختلف عماذكره المؤلف ولم يذكر مصدره.

قال الميداني في مجمع الأمثال 1/ 306: "رب كلمة تقول لصاحبها دعني" يضرب في النهي عن الإكثار مخافة الإهجار. ذكروا أن ملكا من ملوك حمير خرج متصيدا، ومعه نديم له كان يقربه ويكرمه، فأشرف على صخرة ملساء ووقف عليها، فقال له النديم: لو أن إنسانا ذُبِح على هذه الصخرة إلى أين كان يبلغ دمه؟ فقال الملك اذبحوه عليها ليرى دمه أين يبلغ، فذبح عليها، فقال الملك: رب كلمة تقول لصاحبها دعني.

ونحوه في عيون الأخبار لابن قتيبة /138، ونهاية الأرب 3/ 29.

وذكر المؤلف في ص 334 قصة رجل حمَّل جمله مالايطيق حمله، ثم أخذ حزمة من تبن، وقال: هذه خفيفة وهي آخر المتاع فلما طرحها على ظهره سقط البعير على الأرض فصارت قصته مثلا، وقيل: قشة قصمت ظهر بعير.

أقول: هذا المثل ليس من الأمثال العربية، ولم أجد له ذكرا في كتب الأمثال ولاغيرها، وقد وقفت على عدة مقالات في النت ذكر فيها أصحابها أن هذا مثل إنجليزي منقول إلى العربية.

هذا آخر ماتيسر لي التعليق عليه من كتاب (استمتع بحياتك) لأخي الدكتور محمد العريفي، ولم أجد من الوقت مايكفي للتعليق على كل ماجاء في الكتاب، وقديما قيل: يكفيك مابلغك المحل، وحسبك من غنىً شِبَعٌ ورِيُّ. أسأل الله تعالى أن يغفر لي ولأخي الدكتور محمد العريفي ولسائر إخواننا المسلمين، وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، وأن يجعل أعمالنا كلها صالحة، ولوجهه خالصة، وألا يجعل لأحد فيها شيئا، وأسأله تعالى أن ينفع بهذه التعليقات كاتبها وقارئها، والحمدلله رب العالمين.

وكتبها حامدا ومصليا ومسلما الدكتور بسام الغانم العطاوي أستاذ السنة وعلومها في جامعة الملك فيصل في الدمام، وخطيب جامع الزبير بن العوام، في غرة شهر جمادى الآخرة 1429هـ.

ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[12 - 06 - 08, 11:06 ص]ـ

شكر الله لك يادكتور بسام على ملحوظاتك القيمة.

وبارك الله في الشيخ الكريم العريفي على جهوده الدعوية، ولعله ينتفع بمثل هذا التوجيه

وإني أدعوه إلى الإقلال نوعا ما من المشاركة في البرامج المتنوعة بغية الإتقان والتركيز أكثر، فالشيخ وفقه الله غزير الإنتاج، وهذا يؤثر بلا شك على جودة المنتج، وقد ألمح إلى هذا الشيخ بسام وفقه الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير