تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الإصلاح حين يكون احتسابا]

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[13 - 06 - 08, 04:57 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين

اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

[الإصلاح حين يكون احتسابا]

قبلَ عقودٍ من الزَّمنِ كانَ الحديثُ عن بُيوتِ الرِّبا والعملياتِ المصرفيةِ الربويةِ أمراً يقعُ ضمنَ نطاقِ المحذوراتِ أو المحظورات، وفيما مضى من السنينِ اتَّخذَ بعضُ المتخصصينَ والمثقفينَ أيَّ مقترحٍ لإقامةِ مستشفى نسائيةٍ مَدْعَاةً للشماتةِ والسخرية، وفي سوالفِ الأيامِ لمْ يكنْ أمثلُ النَّاسِ طريقةً يحلمُ -مجرَّدَ حلم- بشاشةٍ نقيةٍ أو بفضاءٍ يزاحمُ الطهرُ فيهِ قنواتِ العهر.

واليومَ نعيشُ واقعاً مختلفاً والحمدُ لله؛ فها هيَ ذي المصارفُ الإسلاميةُ تنافسُ غيرَها بقوةٍ ممَّا حدا بمنافسيها إلى فتحِ نوافذَ شرعيةٍ لكثيرٍ من العملياتِ المصرفيةِ بلغتْ نسبتُها 50 % - 70% من إجمالي أعمالها؛ ويتوقعُ خبراءُ مصرفيونَ مطلعونَ تحولاً كُلِّياً إلى نظامِ المصرفيةِ الإسلاميةِ في السعوديةِ خلالِ السنواتِ القليلةِ القادمة؛ مستندينَ إلى عدَّةِ معطياتٍ منها ارتفاعُ حصَّةِ الخدماتِ الإسلاميةِ في المصارفِ التقليدية، والنُّمو السنويُ المتواصلُ في حجمِ أصولِ المصارفِ الإسلامية.

وتنتشرُ في طولِ البلادِ وعرضِها المستشفياتُ والعياداتُ النسائيةُ الخاصَّة؛ وتحرصُ كُبرياتُ المؤسساتِ الصِّحيةِ التجاريةِ على توفيرِ فريق نسائي متكاملٍ خاصَّةً لأمراضِ النِّساءِ والولادة، ولمْ يتوقف التقدُّمُ عندَ هذا الحدِّ فقطْ؛ ففي الأيامِ الماضيةِ أعلنتْ وزارةُ الصِّحةِ السعوديةِ -مشكورةً- عن نيتِها في تحويلِ عددٍ من مشافيها إلى مراكزَ نسائيةٍ كاملةٍ؛ مراعاةً لخصوصيةِ المرأةِ، وتلبيةً لمطالبِ المجتمعِ المحافظِ، ورغبةً في توطينِ المهنِ الصحيةِ التي تنفِرُ منها كثيرٌ من السعودياتِ بسببِ الاختلاط. ومن اللافتِ للنَّظرِ أنَّ هذا الخبرَ الرسمي غابَ عن أكثرِ صفحاتِ صحافتِنا التي تزعمُ الحرصَ على الوطنِ والدَّفاعَ عن المرأة!

والمتتبعُ للشاشةِ وأقمارِ الفضاءِ يلحظُ نمواً مطَّرداً في عددِ القنواتِ النَّقيةِ المحافظةِ التي تقدِّمُ جملة منوعةً من البرامجِ الاجتماعيةِ والثقافيةِ والأسريةِ والدينيةِ والأدبيةِ والوثائقيةِ والترفيهيةِ والإخباريةِ والطبيةِ وبرامجِ المرأةِ وروائعِ الأطفال؛ مع حرصِ هذه القنواتُ على المسلَّماتِ الشرعيةِ والأعرافِ المرعيةِ، ممَّا جعلَها موضعَ ثقةِ عامَّةِ النَّاسِ لأنَّها لا تخدِشُ حياءَ المخَدَّراتِ ولا تعلِّمُ الفتيانَ ما يسوء.

وتسعى هذهِ المنظوماتُ الإعلاميةُ إلى التطورِ ومواكبةِ كلِّ جديدٍ حتى تقدِّمَ مادَّةً منافسةً ماتعةً مفيدةً من غيرِ صوتِ شيطانٍ أو فتنةِ إنسانٍ أو فكرةٍ نشاز. وما يقالُ في الفضاءِ يُعادُ في المجلاتِ العلميةِ والسياسيةِ والأسريةِ والترفيهيةِ ومجلاتِ الأطفال، ولا تزالُ الأمَّةُ تنتظرُ سماعَ صوتِ "الأمَّة" الذي يسعى البعضُ إلى وأْدِهِ أو التضييقِ عليهِ ويأبى اللهُ إلاَّ أنْ يتمَّ نوره.

والمستقبلُ بفضلِ اللهِ وتوفيقِه يحملُ الكثيرَ من المبشراتِ وفرصِ النجاحِ ومجالاتِ التجديدِ والابتكارِ ومزاحمةِ أهلِ الباطلِ حتى يخرجوا من حياتِنا أو تضيقَ عليهم الأرضُ بما رحبت، فجمهورُ المسلمين -المحسنُ والمقصر- لا يرضونَ بما يغضبُ اللهَ العظيمَ المتفضلَ بالنِّعمِ التي لا تُحصى والمننِ المتتابعة، وكمْ من روضٍ أُنفٍ لمْ يُرعَ بعدُ، وكمْ تركَ الأولُ للآخر.

لقدْ كانتْ هذه الأعمالُ الجليلةُ والمشاريعُ العملاقةُ ثمرةً للاحتسابِ، ونتيجةً للإصلاحِ الطويلِ النَّفَس؛ وهل الاحتسابُ إلاَّ إصلاحُ المجتمعِ وحمايةُ الأمَّةِ ورعايةُ الهُويةِ والدِّفاعُ عن الحريةِ الشرعية؛ وهل الإصلاحُ إلا نوعٌ من الاحتسابِ العملي المتقنِ الرشيد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير