[معنى سبحان الله]
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
[معنى سبحان الله]
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
إلى الموقع العظيم الألوكة، بعد التَّحيَّة عندي سؤال ديني أرجو منكم أن تجيبوني،
أريد منكم أن أعرف وأفهم معنَى سُبْحَان الله، فالذي أفهمه: معنى سبحان الله يعنى تنزيه الله من النَّقْصِ والعَيْبِ، لكني سَمعْتُ ورأيتُ في النت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول يعني معنى سبحان الله: تنزيه الله من السُّوء، ماذا يقْصِدُ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - بكلمة السوء؟ هل يقصد السُّوء يعني النَّقص؟ أرجوكم تجيبوني بالتَّفصيل لأني متحيِّر جدًّا، وما أعرف ولا أفهم معنَى سُبحان الله، والذي أفهمه: السوء يعني إذا واحدٌ يقول: فلانٌ شخصٌ عنده سوء يعني هو ظالِمٌ و .. وإلى آخره.
وإني منتظِرٌ جوابَكُم إنْ شاءَ اللَّه، وجزاكُم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فتَسبيحُ اللَّه أصلٌ عظيمٌ من أصولِ التَّوحيد، ورُكنٌ أساسيٌّ من أركان الإيمان بالله - عزَّ وجلَّ وإثبات الأسماء الحُسنَى والصِّفات العُلى، وذكر عظيمٌ لِله تعالى لا يصلُح لغيره.
والتَّسبيح تبرئة اللهِ من السُّوءِ، وتَنْزِيهُهُ عَنْ كُلِّ ما لا يَنْبَغِي أَنْ يُوصَفَ به، وليس معنَى هذا أنَّه عدَمٌ مَحض ولا يتضمَّن مدحًا، بل إنَّه متضمِّن لكمالِ ضدِّ المنفيّ الذي ينزَّه اللهُ عنه.
قال شيخ الإسلام ابْنُ تيمية في "مجموع الفتاوى": "الأمْرُ بِتَسبيحِه يقتضي أيضًا تنزيهَه عن كُلِّ عيبٍ وسُوء وإثباتَ صفاتِ الكَمال له؛ فإنَّ التَّسبيحَ يقتضي التنزيهَ والتَّعظيمَ، والتَّعظيمُ يَستلزِمُ إثباتَ المَحامِد التي يُحمَد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهَه وتَحميدَه وتكبيرَه وتوحيدَه.
قال ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا أبي ثنا ابن نفيل الحرَّاني ثنا النَّضر ابن عربي قال: سأل رجلٌ ميمونَ بْنَ مهران عن "سبحان الله" فقال: "اسم يعظَّم اللهُ به ويُحاشَى بهِ من السّوء".
وقال: حدَّثنا أبو سعيد الأشج ثنا حفص بن غياث عن حجاجٍ عن ابْنِ أبي مليكة عن ابنِ عبَّاس قال: "سبحان" قال: تنزيهُ اللهِ نفسَه من السُّوء ...
وقد جاء عن غير واحدٍ من السَّلف، مثل قول ابنِ عبَّاس: "إنه تنزيهُ نفسِه من السوء"، ورُوِي في ذلك حديثٌ مُرسلٌ وهو يقتضي تنزيهَ نفسِه من فِعْلِ السَّيِّئات، كما يَقتَضِي تنزيهَه عن الصِّفاتِ المَذمومة، ونفيُ النَّقائصِ يَقتضي ثُبوت صِفات الكَمال وفيها التعظيم كما قال ميمون بن مهران: "اسم يعظَّم الله به ويُحاشَى به من السوء".
وروى عبدُ بن حُميد: حدثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن عثمان بن عبدالله بن موهب عن موسى بن طلحة قال: سُئِلَ النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - عن التَّسبيحِ فقال: ((إنزاهُه عن السُّوء)) ". اهـ.
وقال في "منهاج السنة النبوية": "وهذا أصل مستمرّ وهو أنَّ العدم المَحْضَ الذي لا يتضمَّن ثبوتًا: لا مَدْحَ فيه ولا كمال؛ فلا يَمْدَح الرَّبُّ نفسَه به بل ولا يَصِفُ نفسَه به، وإنَّما يصِفُها بالنَّفي المتضمِّن معنى ثبوتٍ؛ كقوله: {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ}، وقولِه: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}، وقولِه: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ}، وقولِه: {وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ} [البقرة: 255]، وقولِه: {لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ} [سبأ: 3]، وقوله: {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [ق: 38]، ونحو ذلك من القضايا السلبيَّة التي يصِفُ الرَّبُّ تَعالى بِها نفسَه، وأنَّها تتضمَّن اتِّصافَه بصفاتِ الكمال الثُّبوتيَّة مثل كمال حياته وقيوميَّتِه ومُلكه وقُدرته وعِلمه وهِدايته وانفِراده بالرُّبوبية والإلهيَّة ونَحو ذلك، وكل ما يُوصَف به العدم المحض فلا يَكونُ إلا عدما مَحضًا، ومعلومٌ أنَّ العدم المحْض يُقالُ فيه إنَّه لا يُرى فعُلِمَ أنَّ نَفي الرُّؤية عدمٌ مَحض، ولا يُقال في العدم المحض
¥