تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التوجيهات المهمة للرُّقاة والقُرّاء , لفضيلة الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله.

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 09:31 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين و وبعد:

فقد ذاع في العالم اليوم وشاع توجه الكثير من المرضى والمنكوبين إلى الرقاة والقراء المداوين بالقرآن , وقام بالمهمة العظيمة من ليس أهلاً لها من أقوامٍ أقرب للشياطين منهم إلى المداوين كما يقول القرني: يداوون الحُمى بالطاعون , عليهم من الله ما يستحقون , وقام بالمهمة بعض المحبين للخير الذين يحتاجون إلى التقويم والتسديد والتثبيت , وقد وقفت على هذا الكلام النفيس والتوجيهات النافعة لفضيلة الشيخ الدكتور: محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله فرأيت في نشرها ونسخها وإهدائها لمن عُلم منه شغل بذلك خيراً كثيراً, قال حفظه الله:

بالنسبة للشخص الذي يقوم بالرقية فلابد أن يتصف بعدة أمور:

الأمر الأول: ينبغي عليه أن يصحح نيته فيما بينه وبين الله عز وجل، وأن يصلح سريرته في مداواته ومعالجته للناس، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح سريرته زكى الله علانيته. فأول ما يجب عليه أن يصدق مع الله عز وجل، وأن لا يجعل الدنيا أكبر همه ولا مبلغ علمه، ولا غاية رغبته وسؤله، فمن جعل الدنيا كذلك جعل الله الفقر بين عينيه، فهو فقير ولو كان أغنى الناس، وفتح عليه أبواب الدنيا حتى أصبح يلهث فيها، فلا يبالي الله به في أي أوديتها هلك. فالواجب على الإنسان أن يعلم أن الآخرة هي الأصل، خاصة وأنه يرقي الناس بكتاب الله، وبما ورد في سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فيعلم أن هناك جانباً شرعياً لابد من حفظه.

الأمر الثاني: أن يعتقد أنه لا حول له ولا قوة في معالجة الناس، وأن الحول حول الله، وأن القوة من الله وحده لا شريك له. ولذلك فإن من كنوز الجنة: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، وكان أفضل الخلق عند الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: (يا حي يا قيوم! برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين)، فإن الشيطان يتسلط على الراقي بالوساوس والخطرات، ويأتيه من أبواب لم تخطر له على بال، وقد يأتيه من باب يظن الرجل الراقي أنه باب خير، وإذا به باب فتنة عليه في دينه ودنياه. فالواجب عليه أن يوطن نفسه بالله عز وجل، ومن ذكر الله عصمه من هذه الوساوس، فهو إذا اعتقد في جميع أمره وشأنه وما أصبح ولا أمسى إلا وهو بريء من حوله وقوته، كثير الالتجاء إلى الله، كثير الاعتماد على الله؛ إلا كفاه الله أمره، وأصبح بخير حال.

وإذا أصبح يعتقد أنه وصل إلى درجة يؤثر فيها على الناس، وإلى درجة تنفع فيها رقيته، وأنه الشخص الذي إذا رقى وضعت لرقيته القبول والتأثير؛ فقد يهلكه الله عز وجل بهذا الاعتقاد. وأكثر ما تأتي الآفات من نيات القلوب: {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا} ومفهوم ذلك: إذا سُلب هذا الخير فبقدر ما يُسلب من هذا الخير بقدر ما يكون محروماً والعياذ بالله!

فالواجب تصحيح النية، واعتقاد الفضل لله وحده لا شريك له، الذي علمه ما لم يكن يعلم، علمه كيفية الرقية، وعمله ما يرقي به، وفتح له من أبواب الفضل؛ فيعتقد دائماً أنه لله ومع الله، ولا حول له ولا قوة إلا بالله عز وجل.

الأمر الثالث: تَعلم الرقية، فلا يرقي الناس جاهل يتعلم. ولابد أن يتعلم أموراً في الرقية منها: ما هو هدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الرقية؟ وما الذي ورد عنه من صحاح الأحاديث والأخبار والآثار التي شُرعت للرقية؟ فلا يرقي الناس بشيء من عنده، ولا يأتي للناس ببدع ومحدثات، وإنما يوطن نفسه بالخوف من الله والأمانة والنصيحة لهذه الأمة ولعامتها، ويتحرى هدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

ومن كان على السنة أصاب الإخلاص، وهداه الله الصراط المستقيم، وبارك له.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير