= لم أعرف -أخي الكريم- مرادك من التعليق على العبارة المنسوبة للزركلي رحمه الله، لكن حيث إن الأخ الكريم ابن جفيل نسبها له، وقلت أنت إنه مستقر في ذهنك أنها له وأنك بحثت فلم تجدها، ومن ثم تتساءل أين قرأتها، فإنني أخشى أن تكون والأخ الكريم قد قرأتما مقالةً فيها نسبة هذا الكلام نسبة خاطئة للإعلام فنقله الأخ من المقالة بينما استقر الأمر في ذهنك، وهذا -إن صح- يعطي لدافع الدكتور لنشر الردود زخماً وقوة إذ يُظهر كيف يمكن أن تتناقل مثل هذه المعلومات الخاطئة بحيث تستقر في أذهان القراء حتى إنها لتصير قريبة من البديهيات،،،، والله أعلم.
وفقني الله وإياك والجميع لما يحب ويرضى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[10 - 07 - 08, 01:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الخامسة
بدايةً أريد أن أنبّه الأخ محمد المبارك، والإخوة القرّاء إلى موضوع هام في هذا المقام: لقد أُنشِأت في الدول الكبرى كالاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وزارة اسمها (وزارة الحقيقة) هدفها غسل الأدمغة وتشويه الحقيقة وإعادة كتابة التاريخ وفق ما يناسب توجهاتها السياسية والثقافية. ومما قاله أحد المؤسسين لهذه الفكرة:"الخطوة الأولى في تصْفِيَة شعبٍ ما: هي أن تمسح ذاكرته. دمّر كُتُبَه، وثقافَتَه، وتاريخه، ثم اجعلْ شخصًا ما يكتبُ كتُبًا جديدة، واصنع ثقافة جديدة، واخترع تاريخًا جديدًا. ولن يمرَّ وقتٌ طويل حتى تبدأ الأمّة بنسيان ماذا تكون وماذا كانت".انتهى [من كتاب (موت الغرب) لـ باتريك بوكانان؛ عن مجلّة الحرس الوطني العدد 256 شعبان 1424هـ]
********
والآن نصل إلى العنوان العريض الذي وضعه الأخ محمد المبارك صاحب (فك الشفرة): (التحول الكبير في حياة الأمير)
وشرح هذا العنوان في أسطر قليلة بدأها بقوله: ((لم تُحيِّرني شخصية مثل شخصية الأمير عبد القادر الجزائري، فهذا الأسد الهزبر و الفارس الضرغام نجده يتحول بعد مجيئه من فرنسا إلى خادم مطيع و مريد متحمس للدولة الفرنسية و إلى كل ما يمت إلى الفرنسيين بِصِلة)).انتهى
هذه والله كبيرة!! من أين للكاتب أن الأمير تحوّل إلى خادم مطيع ومريد متحمس لفرنسا وإلى كل ما يمت إلى الفرنسيين بصلة؟!! ما هي مصادرك؟ وأين هي مراجعك؟ وكيف طاوعتك يدك في خطّ هذا الكلام؟! أهكذا يكون أدب الكلام مع أحد أكبر الشخصيات الإسلامية المجاهدة في العصر القريب؟!
من أين أتيت بهذا الوصف وهذا التحليل؟! وما هي الخدمات التي قدّمها الأمير لفرنسا وللفرنسيين؟ ليت الكاتب أشار إلى بعضها على الأقل! ليبيّن لنا على ماذا اعتمد في تشنيعه وطعنه بالأمير عبد القادر!
أما إلقاء الكلام هكذا وعلى عواهنه والتشهير بعظماء الأمّة بالتشهي، فهذا غير مقبول ولا نرضاه لكاتب المقال.
ثم بدأ الكاتب يعلل أسباب التحول المزعوم للأمير. فقال إنّ الأسباب التي تقف وراء ذلك هي أنّ الفرنسيين عرفوا كيف يخاطبونه وهم الذين تعرّفوا إلى الشخصيّة الشرقيّة جيداً بعد دخولهم إلى مصر!!! والأمر الآخر أنّ الأمير كان ذا ثقافة واطلاع واسعين، وهو من أهل الذكاء ودقّة المشاهدة. لذلك استطاع الفرنسيون أن يقلبوا كيان الأمير ويؤثّروا على عقله الراجح!! هكذا زعم.
وأقول: إذا كان الفرنسيون قد تعرَّفوا الشخصية الشرقية جيدًا في مصر فما دخل ذلك بالشخصيّة المغربية الجزائريّة؟! وكلنا يعلم الفوارق الشخصيّة بين أهل مصر وأهل الجزائر، ولا يمكن أن يقال إن التعامل مع كلتا الشخصيتين واحد. أو أن التخاطب معهما يكون بالطريقة نفسها.
ثمّ إذا كان تمتّع الشخص بالذكاء ودقة المشاهدة والاطلاع الواسع والثقافة الغزيرة يجعله عرضة للوقوع في فخّ المستشرقين، فما حال قليل العلم والبليد ومنعدم الثقافة والغبي؟!
أيها الإخوة ما الداعي لكل سوء الظن هذا، والكاتب أمام شخصيّة مسلمة قادت شعبها إلى الجهاد والعزّة.
ثمّ يضعنا الأخ كاتب (فك الشيفرة) أمام إحدى تحليلاته لسبب تحوّل الأمير من مجاهد إلى خادم (حسب زعمه)!
وهي قوله: ((ذلك البغض الشديد للدولة العثمانيّة)).انتهى
وأقول: البغض والحب صفتان قلبيتان لا يمكن الاطلاع عليهما إلاّ إذا صرّح صاحبهما بما في قلبه.
فمن أين للكاتب هذا الادّعاء؟!
¥