تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إنّ الأمر الثابت أنّ الجزائريين (والأمير واحد منهم) كانوا ساخطين على الولاة الأتراك في الجزائر (الدايات والبايات) وذلك بسبب ظلمهم وتسلّطهم وتفريطهم بحق الرّعية، وإطلاق يد التجار اليهود في الجزائر، بل وتسليم الكثير منهم مناصب في الدولة. ولكنهم لم يكونوا ساخطين على الخليفة العثماني!!! ونحن نعلم أن الذريعة التي اتخذها الفرنسيون لغزو الجزائر هي لطم الداي حسين القنصلَ الفرنسي على وجهه [والذين حرّضوا الداي على ذلك هم تجار اليهود الذين يريدون الحصول على ديونهم ورباها من الحكومة الفرنسية]، وبعد وصول الأسطول الفرنسي وتغطرس الداي حسين بنفسه وغروره بقوته سقطت مدينة الجزائر بسهولة وسلّم الداي التركي نفسه، وجمع أهله وأمواله وغادر الجزائر وتركها للفرنسيين، وكذلك فعل الباي حسن والي وهران.

(وهنا يجب أن يتنبّه الجميع لأمر هام جدًا وهو أنّ الذريعة التي احتجّ بها الفرنسيون هي لطم الداي حسين لقنصل فرنسا، وهاهو يستسلم لهم فيتركونه يجمع أهله وأمواله ويُغادر الجزائر بسلام! في حين استمرت الجيوش الفرنسية بالتوغل في أراضي الجزائر واحتلالها. وفي هذا أكبر دليل على أنّ نية الاحتلال كانت مُبيّتة من قبل والاستعداد لها كان قبل حادثة اللطم وإنما كانت فرنسا تتحين الظروف).

فماذا يريد الكاتب من الشعب الجزائري أن يفعل؟ ولو رجع الكاتب إلى أوّل مقاله لوجد نفسه يذكر سبب التفاف الشعب حول والد الأمير. وإليكم ما ذكره الكاتب: ((ولم يمض وقت طويل حتى تعرضت الجزائر لحملة عسكرية فرنسية شرسة، وتمكنت فرنسا من احتلال العاصمة فعلاً في 5 يوليو 1830م، واستسلم الحاكم العثماني سريعًا، ولكن الشعب الجزائري كان له رأي آخر.

المبايعة: فرّق الشقاق بين الزعماء كلمة الشعب، وبحث أهالي وعلماء "وهران" عن زعيم يأخذ اللواء ويبايعون على الجهاد تحت قيادته، واستقر الرأي على "محيي الدين الحسني" شيخ الطريقة القادرية في وقته، ووالد الأمير عبد القادر،وعرضوا عليه الأمر، ولكن الرجل اعتذر عن الإمارة إلاَّ أنَّه قبل قيادة الجهاد. فأرسلوا إلى صاحب المغرب الأقصى ليكونوا تحت إمارته، فقبل السلطان "عبد الرحمن بن هشام" سلطان المغرب، وأرسل ابن عمه "علي بن سليمان" ليكون أميرًا على وهران)).انتهى

ويقول الأستاذ الدكتور سعد الله: ((أمّا سلاطين المسلمين فقد رأينا أن بني عثمان كانوا في غفلة من الزمان، لم يبق لهم من الإسلام إلا الشعارات والطقوس والظلال، ولم يبق لهم من لغة القرآن إلا العبارات الدينية التي تقال في المناسبات، بل لم يبق لهم من القوة إلاّ قوة التآمر على بعضهم البعض وقوة الاستبداد بالمسلمين وقوة الحريم والمَحْظيّات الأوربيات. فمن أين لهم نجدة عبد القادر بن محيي الدين ولم ينجدوا حتى غرقاهم في (نفارينو)؟! ([1] ( http://majles.alukah.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=124823#_ftn1)) ثم كيف ينجدونه وقد أعلن أنّه عربي هاشمي وشريفٌ من آل البيت، ولم يطلب منهم لقبًا أو قفطانًا؟ ألم يَذُقْ شعبُه ووالده وهو شخصيًا من ممثلي أولئك السلاطين في بلاده أنكى المعاملات وأقسى الإهانات؟)).انتهى [الحركة الوطنية ص275]

فماذا يريد الكاتب من الأمير أن يفعل؟ السلطان العثماني لم يتحرك لمساعدة الجزائر، والوالي العثماني سلّم المدينة وهرب، ودبّ الشقاق بين الناس وبدأت الفوضى، والشعب اجتمعت كلمته على واحد منهم ليقود فرض العين (جهاد الصليبيين الغزاة) والسيد محيي الدين رفض القبول بالبيعة احترامًا للخليفة العثماني ولسلطان المغرب، وحتى لا يفرّق شمل المقاومة الجزائريّة اقترح مبايعة سلطان المغرب، لأنّه أقرب جهة إسلامية حاكمة منهم، وبعد إخفاق كل تلك المحاولات ماذا يفعلون؟ الواجب الشرعي يحتّمُ تأْميرَ رجل عليهم ليقودهم ويوحّد كلمتهم، وهذا كان بمشورة كل أهل العلم في تلك النواحي ووقع اختيارهم على شخص الأمير عبد القادر، فهل هذا دليل على البغض الشديد للدولة العثمانية كما يقول الأخ الكاتب؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير