تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول الشيخ محمد بهجة البيطار في ترجمة جدّه الشيخ عبد الرزاق: ((فهو في بلاد الشام من أوّل العلماء بلا شبهة ولا مراء، لأنّه أوّل من أخذ بالدليل، وجاهد في هذا السبيل، ورفع فوق رؤوس أهل الحق راية السنّة والتنزيل)) ثمّ نقل قول العلاّمة القاسمي فيه: ((إن الشيخ عبد الرزاق البيطار ذاك العالم الجليل؛ ممن اشتهر بالإنكار على أرباب الخرافات، وممن يقاوم بلسانه وبراهينه تلك الخزعبلات، فإنّه ممن لا تأخذه في إبانة الحق لومة لائم، ولا يصده عتب عاتب ولا قومة قائم، وله صدع بالحق عجيب، وعدم محاباة ومداراة، وكل ما يروى من حكايات المتمفقرين فإنه يزنه بميزان العقل فإنْ أباه ردَّه جهارًا، وقابل قائله بالصد إنكارًا، وطالما صرّح بالإنكار على من يُنادي مَنْ يعتقد فيه العامّة من الأموات ويستشفع به في قضاء الحاجات، ويعرّفهم ما قاله السلف في هذا الباب مِنْ أنه أمرٌ ما أَذِنَ اللهُ به، إذ أمر بدعائه وحده، فدعاء غيره مما لا يرضيه كما صرّح به في غير آية من كريم الكتاب، وقصْده ترقية العامّة عن نداء أحدٍ إلاّ الله، وعدم تعليق القلب إلاّ بالخالق تبارك وتعالى)).انتهى [انظر مقدمة (حلية البشر) 1/ 12ـ17]

هذا العالمُ الصادع بالحق كتبَ مقالةً سنة 1296هـ إثر ذيوع خبر وفاة الأمير، ثم ظهور بقائه حيًّا وإنما كان مريضًا، يحمد الله فيها فقال: ((نحمدُك يا منعم على إحسانك، ونشكرك على جزيل امتنانك، حمدًا وافيًا بوافر آلائك، وشكرًا مكافيًا لمُتكاثِر نَعْمائك، يا راحم المتضرّعين، ما أرأفك، ويا منّان على المنقطعين ما أعطفك، ويا ذا الرحمة والجود ما أحلمك، ويا دافع النقمة بلطفك ما أحكمك وأعظمك، قد غمرتنا بجميل المعروف، وأغرقتنا في بحر لطفك الموصوف، وأسبلت علينا سترك الجميل، وأدمت لنا حصنك الجليل، مَنْ أنقذتنا به من أودية الغواية، إلى فسيح الرشاد والهداية، وعرّفتنا به المطلوب، وهديتنا بهدايته إلى الصراط المرغوب، وكشفت به لنا عيوبًا كنّا نعتقدها طاعة، ودللتنا به على نهج السنّة والجماعة؛ الأمجد الأوحد، والعَلَم المفرد، بحر الأكارم، وحبر العوالم، .... يد السماحة لكل طالب، وباب الدخول لكل راغب، الرافع بفضائله أعلام الرايات الدينيّة، والقامع بدلائله معاندي الشريعة المحمديّة، أمير الأمراء، وقطب مدار الفضلاء، .... الحسيب النسيب، والشريف الماجد الأريب، السيد عبد القادر الحسني، أدام الله بقاءه وجُوْدَه الهني، .... إلخ)).انتهى

وليس غرضي من هذا النقل ذكر ما فيه من مبالغة في المديح وتعداد الأوصاف (على عادة أهل ذلك العصر)، وإنما غرضي ما قاله الشيخ البيطار مِنْ كون الأمير عبد القادر هو الذي دلّهم على نهج السنة والجماعة، ونفّرهم من البدع التي كانوا يظنون أنها طاعات!

وإن شاء الله أتابع الحديث عن تطور فكر الأمير، وأثره في تلامذته وأصحابه، وآثاره في بعث الصحوة في بلاد الشام، لاحقًا.

والحمد لله ربّ العالمين

خلدون بن مكّي الحسني

للبحث صِلة إن شاء الله

ـ[ابن عبدالكريم]ــــــــ[12 - 07 - 08, 07:26 ص]ـ

جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل / خلدون الحسني على هذا البحث الماتع , و جعل ما تكتبونه في ميزان حسناتكم يوم القيامة ... و لكن عندي تنبيه بسيط على هذا المقطع ..

بدايةً أريد أن أنبّه الأخ محمد المبارك، والإخوة القرّاء إلى موضوع هام في هذا المقام: لقد أُنشِأت في الدول الكبرى كالاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وزارة اسمها (وزارة الحقيقة) هدفها غسل الأدمغة وتشويه الحقيقة وإعادة كتابة التاريخ وفق ما يناسب توجهاتها السياسية والثقافية. ومما قاله أحد المؤسسين لهذه الفكرة:"الخطوة الأولى في تصْفِيَة شعبٍ ما: هي أن تمسح ذاكرته. دمّر كُتُبَه، وثقافَتَه، وتاريخه، ثم اجعلْ شخصًا ما يكتبُ كتُبًا جديدة، واصنع ثقافة جديدة، واخترع تاريخًا جديدًا. ولن يمرَّ وقتٌ طويل حتى تبدأ الأمّة بنسيان ماذا تكون وماذا كانت".انتهى [من كتاب (موت الغرب) لـ باتريك بوكانان؛ عن مجلّة الحرس الوطني العدد 256 شعبان 1424هـ]

لعلك وهمت شيخنا الفاضل , أو وهمت مجلة الحرس الوطني في النقل عن " باتريك بوكانان ". فلا يوجد في أي من هذه الدول - و لم يوجد في يوم من الأيام - وزارة باسم وزارة الحقيقة. و إنما هي وزارة خيالية إخترعها الكاتب الشهير " جورج أورويل " في روايته ذائعة الصيت " 1984 " * , ثم صارت مثلا شهيرا يضربه الناس في الغرب - خاصة مثقفوهم - ليسخروا به من الأكاذيب التي تضلل بها بعض الحكومات شعوبها.

أما أنه يوجد - أو وجد في يوم ما - وزارة حقيقية بهذا الاسم , فلا. و إنما هو - كما أسلفنا - تشبيه يضرب لتقريب الصورة.


* و المقطع الذي تفضلتم بذكره من أشهر مقاطع الرواية.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير