تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويقول صاحب (فك الشفرة):"و من الغرابة بمكان أن يقوم الطابور الخامس الماسوني السوري وقبل يومين من وصول الأمير فيصل بإعلان استقلال البلاد باسم الشريف حسين، ورفع العلم العربي على سارية دار الحكومة، و من ثمَّ تبدأ عملية تنظيم وإكمال تشكيلات الدولة العربية و الجيش العربي، و إزالة كل ما يمت للعهد العثماني و اللغة التركية بِصلة، كل ذلك بسرعة غريبة و سطوة عجيبة، بينما لم يكن من أعلن استقلال البلاد، و حَكَم البلاد خلال ذَين اليومين الطويلين في تاريخ الأمة الاسلامية إلا الأمير محمد سعيد الجزائري القطب لأعظم للمحفل الأكبر السوري العربي الماسوني، وحفيد الأمير عبدالقادر الجزائري".انتهى

لقد تحدّث الكاتب في مقاله عن دخول جيش الملك فيصل إلى الشام، ثمّ تعجّب من كون الأمير سعيد حفيد الأمير عبد القادر هو الذي أعلن استقلال سورية ورفع العلم العربي على السراي قبل وصول الملك فيصل بيومين، وبدأ الكاتب كلامه فوصف الأمير سعيد ومن معه بالطابور الخامس الماسوني!!!

المطّلعون على تاريخ الأمير سعيد يعلمون أنه انتسب إلى الجمعية الماسونية، وقد صرّح هو بذلك في مذكراته ولم يستره، وذلك لأنّه ـ مثل كثيرٍ من وجهاء وعلماء الشام ومصر في ذلك الوقت ـ انخدع بما تروّجه تلك الجمعية عن نشاطاتها وأهدافها، فقد كانت تزعم أنها جمعية عالمية تدعوا إلى التضامن ومساعدة المنكوبين في العالم أجمع، وغير ذلك من الأعمال الخيرية، فالمنتسب إليها كان يفتخر بذلك، ولكنّ الأمير سعيد بعد مدّة ارتاب في أمرها وصار يتهرّب من أعضائها ثم تركها وانفصل عنها، تمامًا مثلما فعل كثيرٌ من الذين انتسبوا إليها في تلك الحقبة! (وكتبَ مقالاً يهاجم فيه الماسونية سنأتي على بيانه في حلقة الماسونية)

ونحن اليوم بعد أن انكشفت حقيقة الماسونية عمومًا، وإن كنّا لا نقرّ هؤلاء على انتسابهم إليها، ونعدُّ ذلك من الغفلة الشديدة، وضعف النظر، فإننا لا نتّهمهم في نيّاتهم، وخصوصًا بعد أن انفصلوا عن تلك الجمعيّة وتبرّؤا منها، وكذلك عندما نجد في سِيَرِهم ما يتعارض مع أغراض الماسونية وتوجهاتها.

وأنا لا أريد في هذا المقام أن أنتقل عن موضوعنا الأصلي إلى موضوع الأمير سعيد، ولكن لضرورة المقام سأعرض موجزًا سريعًا يبيّن كيف أعلن الأمير سعيد استقلال سورية وحقيقة علاقته بشريف مكّة الحسين وابنه فيصل.

وسأعتمد على بعض المراجع المستقلة والمحايدة والمعتمدة ومنها كتاب (جهاد نصف قرن) للأستاذ الجامعي أنور الرفاعي، ومزيّة هذا الكتاب أن كاتبه شخص أكاديمي محايد، ومعاصر لتلك الحقبة وينقل الأحداث من وثائق مشهورة وثابتة مع ذكر المصدر وتاريخه، وأحيانًا يرفق صورة الوثيقة التي ينقل عنها،ولكن سأبدأ بذكر ترجمة الأمير سعيد في كتب التراجم الكبيرة والشهيرة:

أولاً ـ قال المؤرّخ الشهير محمد أديب آل تقي الدين الحصني؛ وهو معاصر للأمير سعيد؛ في كتابه (منتخبات التواريخ لدمشق) في ترجمة الأمير محمد سعيد:

((منهم الأمير سعيد بن الأمير علي باشا، وقد أحيا ذكر أبيه وجدّه الأمير عبد القادر بالكرم والأخلاق الحسنة وقد قلّدته الأتراك وكالة الحكم المباشر لهذه البلاد بعد تركهم لها بأن يدافع أهلها عنها وتكون مستقلة تحكم نفسها بنفسها ولها الحق بأن تختار أي دولة تسعفها على نهضتها وذلك قبل دخول الجيش الإنكليزي لها! ولما دخل الأمير فيصل على رأس ذلك الجيش كما أسلفنا لك ذلك مفصلاً، أَخَذَ الحكم المؤقت من يد الأمير سعيد وبهذه البرهة اغتالت يدٌ أثيمة أخاه الأمير عبد القادر، وأبعدته السلطة الإنكليزية إلى خارج سورية، إلى أن دخلت الجيوش الإفرنسية عندئذ رجع إلى دمشق وهو خير خلَف لذلك السلف ولولا ضيق المقام لسردنا جميع الوقائع المبرورة التي جاهد بها)).انتهى [منتخبات التواريخ 2/ 742]

ثانياً ـ قال خير الدين الزركلي؛ وهو مؤرخ وسياسي كبير معاصر للأمير سعيد؛ في كتابه الشهير (الأعلام):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير