((الجزائري (1300 - 1390هـ = 1883 - 1970م) محمد سعيد بن علي بن عبد القادر بن محيي الدين الحسني الجزائري: حفيد الأمير عبد القادر صاحب الثورة الأولى على الفرنسيين في الجزائر. ولد وعاش في دمشق وتعلم بها، وبالأستانة. وقام برحلة إلى المدينة المنورة (سنة 1332هـ) صنف بها نور الدين بن عبد الكريم بن عزوز التونسي (الرحلة المدينية - ط) وأشرف صاحب الترجمة على تصنيف كتاب عن والده سمي (تاريخ الأمير علي الجزائري - ط) وكان له موقف كريم في دمشق، يوم خرج الجيش العثماني منها وبقي فيها جمال باشا الصغير آخر قواد ذلك الجيش فقابله الأمير سعيد وأخذ منه (500) بندقية سلح بها بعض الدمشقيين والمغاربة لحفظ الأمن. وأعلن استقلال سورية قبل دخول الجيشين العربي والبريطاني.
وألَّف حكومة وطنية مؤقتة أقرَّها أول داخل من الجيشين (الشريف ناصر بن علي) فعاشت يومين. وأَبْعَدَه عن الحكم مندوبون آخرون عن فيصل بن الحسين قبل دخول فيصل، منهم لورنس، ونوري السعيد!! ثم نفاه الإنكليز إلى مصر.
وعاد إلى دمشق بعد الاحتلال الفرنسي (1920م) فأقام إلى سنة 1966م ورافق جثمان جدّه (عبد القادر) يوم نقله من دمشق إلى الجزائر، واستقر إلى أن توفي بها)).انتهى
من هاتين الترجمتين يتضح أن ما تعجّب منه الكاتب من إعلان الأمير سعيد لاستقلال سورية، ووصفه إيّاه بأنه من الطابور الخامس الماسوني، غير صحيح ومخالف للحقيقة!!!
ثالثاً ـ يروي لنا الأستاذ أنور الرفاعي في كتابه (جهاد نصف قرن) الحادثة التالية:
((نادى جمال باشا السفاح الأميرَ سعيدًا وقال له:"سأسافر مع الحملة إلى (الترعة) ويجب أن تكون أنت معي عندما أدخل مصر"
الأمير:"ما نفعي مع الحملة وما فائدة دخولي مصر إلى جانبك؟ "
جمال:"سأكلفك بقيادة فرقة خاصة"
الأمير:"ماذا تراني أُعِد؟ "
جمال:"استصحب معك اثنين من رجالك ليكونوا خدامًا لك، ونحن نكفيك مؤونة كل ما يلزمك"
وبعد أيّام، بينما كان الأمير مضطرًا لإعداد وسائل السفر مع موكب جمال، هبط دمشق الجنرال الألماني (فافيوس) الذي أعطاه العثمانيون اسم (عبد الكريم باشا)! وكان فيما سبق واليًا على بعض المستعمرات الألمانية في إفريقيا، وأستاذًا لأولاد الإمبراطور غليوم الثاني، وكان الناس في دمشق يتساءلون عن معنى وجود الجنرال الألماني في دمشق وبصحبته حاشية خاصة، منها ثلاثة مترجمين أحدهم مستشرق ألماني يتقن العربية، وثانيهم مسيحي لبناني، وثالثهم شيخ مسلم بعمامة من بخارى، وفي تلك الأثناء قابل قنصل ألمانيا في حيفا (لوتفيت) الأميرَ سعيدًا في داره وقال له:"يا سمو الأمير! إني أعلم أنك تعمل من مدة في سبيل إثارة الجزائريين ضد فرنسا؛ وأنت تتمنى أن تصل إلى الجزائر لتقودها إلى الاستقلال، وها هي الفرصة سانحة، فإن هناك بعثة ألمانية ستذهب إلى شمال إفريقيا فيمكنك مرافقتها وتحقيق برنامجك"
وفي اليوم التالي دُعي الأمير لمقابلة جمال باشا الذي ابتدره قائلاً:"تغيّرت خطتي، فلن ترافقني إلى مصر، وإنما سترافق بعثة عبد الكريم باشا الألمانية، وهي ذاهبة إلى شمال إفريقيا، وستمر في طريقك على طرابلس الغرب، وسترى السيد السنوسي فيها، فاكتب له قبل أن تصل وأخبره بقدومك وبأنك تحمل رسالة شخصية مني إليه، وأخبره شفهياً بأني سأهاجم ترعة السويس، فيجب على السنوسي عندما يسمع بوصول حملتي إلى الترعة لمهاجمة مصر، أن يهاجم من ناحيته مصر أيضاً فنضعها بين نارين، وليضرب المصريين على رؤوسهم ويسوقهم إلى الحرب كالـ ... " وسلّم جمال باشا في الحال الأمير سعيداً رسالة مختومة؛ وأمره بالاستعداد للرحيل في الغد.
صدّق الأمير سعيد أقوال جمال، وخفق قلبه فرحاً لسيره إلى بلاده الأولى، وفي الغد كان في محطة الحجاز في عربة خاصة تُقلّ بعثة عبد الكريم باشا الألماني ..
وفي الطريق التفت الأمير إلى الجنرال الألماني وقال له:"أين نحن ذاهبون؟ وما هي خطتنا؟ وما هو طريقنا؟ " فأجاب الجنرال:"نحن ذاهبون إلى إفريقيا الشمالية" فاطمأن قلب الأمير وأخذ يطلّ من نافذة القطار، وينظر إلى الأفق البعيد ويتخيل الرحلة الجميلة، ويتصور وصوله إلى طرابلس واتصاله بالسيد السنوسي و ...........
¥