تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد اعتكف فيصل بالفعل في دار آل البكري لم يخرج منها يومه وليلته، فأرسل إليه جمال يسأله عن سبب تغيبه واعتذرَ له عما بدر منه، وقال له:"نحن في حالة حرب، ولذلك كنت حريصًا على أن أراقب كل حركة وسكنة حتى لا يقع ما يضر بصالحنا، وقد علمتُ بحسن نية أخيك، وأرى أن نكون دائمًا على وفاق، لذلك سأرسل برقية إلى بصري باشا بأن يلاطف أخاك ويحسن معاملته؛ وأنت أبرق إلى أخيك أن يتفاهم مع الوالي حتى لا يحدث ما يشوش الحالة في المدينة ويقلق بال الباب العالي")). انتهى [المرجع السابق ص 65 إلى ص67]

((انتهت حملة الترعة التي أعدّها (جمال باشا السفاح) لغزو مصر إلى الفشل، وظهرت نيات جمال باشا نحو العرب وزعمائهم، فأخذ ينفي العائلات إلى الأناضول ويراقب حركات سادة العرب، وألّف ديوانًا عرفيًّا في (عاليْه) وأمر بالقبض على عدد من كبار رجالات القوم من مسلمين ومسيحيين وأخذ يحاكمهم بتهمة التآمر على سلامة الدولة العثمانية والاتصال بالدول الأجنبية ... وفي 6 أيار 1916م أُعدم شنقًا واحد وعشرون شخصًا مِنْ عِلْيَةِ القوم .. )) [المرجع السابق ص68ـ72]

((وكانت الأمور في الدولة العثمانية تسير من سيِّىء إلى أسوأ؛ فإن إعدام الشهداء في 6 أيار لم يزد العرب إلاّ بغضاً بجمال والأتراك، وإن الشريف فيصل الذي كان في مزرعة آل البكري يوم الحادثة المشؤومة، صاح صيحته الشهيرة:"طاب الموت يا عرب" وكانت اتفاقات الشريف حسين مع البريطانيين قد انتهت، والعرب استعدوا لإعلان الثورة)) [المرجع السابق ص76]

يقول الأستاذ محمود شاكر في (التاريخ الإسلامي) 8/ 227: ((وقد أثارت هذه الإعدامات شيئًا من النقمة على جمال باشا خاصّةً، وسُمّي الذين أُعدموا بالشهداء، وكان حجةً لثورة الشريف حسين على الدولة إذ أرسل ابنه فيصلاً ليتوسط لدى هؤلاء فأراد جمال باشا أن يُلقي القبض عليه فاختبأ وأرسل لوالده فاندلعت الحركة من مكّة، وكان قد تمّ التفاهم مع الإنكليز، وهُزِم العثمانيون)).انتهى

قال الأستاذ أنور الرفاعي: (( .. يمَّمَ الأمير عبد القادر الحفيد (شقيق الأمير سعيد) وجهه شطر الحجاز كعبة آمال المسلمين. وفي مكة تعرّف بالشريف حسين ..... وقبل أن يُغادر الأمير عبد القادر (المشهور بالأمير عبدو) مكة المكرمة، حضر موسم الحج، وكان موسمًا مزدحمًا كثير الحجاج من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وأخرج الحسين عَلَماً وصلى عليه أربعون ألف مسلم من الحجاج، وطاف بالعلم سبع مرات حول الكعبة، ثم سلّمه للأمير عبدو ليرفعه على سراي دمشق باسم الحسين ملك العرب.

وقد جاء في جريدة البيرق البيروتية في عددها (984) وتاريخ 19 تموز 1932م وصفٌ لرحلة الأمير عبدو (الشهيد) إلى الحجاز من مقال بتوقيع الأمير محمد سعيد، نقتطف منه ما يلي:"وفي الحقيقة إن الخدمة الجليلة التي قام بها الشهيد عبد القادر نحو الوطن سوف تقدرها الأجيال المقبلة حق قدرها ويدونها التاريخ في أمجد صفحة من صفحاته بمداد الفخر والإعجاب، وقد كان هذا الشهيد السبب في تأخير احتلال سورية مدة سنة، وإذا علم الناس بأن الاحتلال كان مقررًا لسورية وليس هناك معاهدة يستند عليها، كما صرّح لي الأمير فيصل بنفسه في وهيد، لعرفوا عندئذ مقدار الخدمة التي أداها الشهيد لوطنه. ومما يدل على شدة تعلقه بالله وفرط إخلاصه لوطنه وأمته أنه حين فرّ من بروسة مقر منفى عائلته وقطع تلك المسافة الشاسعة إلى أن وصل إلى مكة بقي متنكرًا عن الناس لابسًا النعل الحجازي والثوب الأبيض البسيط حتى تمكن من القيام بشعائر الحج خير قيام لا يشغله من مشاغل الدنيا وسفاسفها شاغل. ولما علم ملك العرب الحسين بن علي بمقدمه نصب له مضربًا إلى جانب مضاربه وخطب في السوريين قائلاً: (هذا أميرٌ من أمرائكم، وزعيمٌ من زعمائكم، تعرض لأشد الأخطار رغبة بأداء الفريضة وحبًّا بخدمة بلاده وأمته وهو يتوارى عن الناس لكي يكون عمله خالصًا لله وحده فعليكم أن تقتدوا به وتسيروا في أثره) ثم أمر بتسليمه عَلَمَ القيادة الذي جاء ذكره وطلب منه الذهاب للعقبة ليكون إلى جانب نجله الأمير فيصل".انتهى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير