تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

((واجتمع الأمير عبدو في العقبة بالأمير فيصل قائد الجيش العربي، فأكرمه فيصل كما أكرم جميع قادة العرب ومشايخها وزعمائها، وكان (لورنس البريطاني) يرافق الأمير فيصل، ويدبر الخطط الحربية، ويقدّم الذهب الوهّاج إلى الأمير فيصل ليوزعه على القبائل العربية دون ما حساب ... وسار لورنس والأمير عبدو إلى (الأزرق)، وطلب لورنس من الأمير عبد القادر أن يسير برجاله ـ وقد أصبحت تحفّ به ثلة من المتطوعين الذين أُعجبوا ببطولته وشهامته ـ وأن ينسف الجسر الحديدي في وادي خالد قرب تل شهاب، فأبى الأمير عبدو وقال:"إن مهمتي أنا هي قتل جمال باشا الذي شنق أحرار العرب وأبرياءها، وهزئ بعائلتنا وكرامتها وأهانها بشنق الأمير عمر، أمّا نسفُ جسرٍ حديدي يسبب قطع خط الرجعة على آلاف من الجيوش المسلمة التابعة للدولة العثمانية فليس من الإيمان في شيء، فهم مسلمون قبل أن يكونوا أتراكًا، وهم عرب على الغالب، وقد حاربوا إلى جانب تركيا لأنها كانت هي صاحبة البلاد، واليوم عندما يطلب إليهم الانضمام إلى جيوش الثورة العربية فلا يرفضون، ولا يجوز لي أن أعمل على إيقاعهم أسرى في أيديكم أو على قتلهم برصاصكم ... "

ومن هنا نقم لورنس على الأمير عبدو وأضمر له ولأسرته الشر، وترك الأمير عبدو لورنس غاضبًا، وسار برجاله نحو دمشق فلما وصل جبل الدروز اتصل بزعمائها ورفع علم الحسين الذي كان معه، وكان ذلك إخلاصًا منه للحسين الملك الجديد على العرب، وإن خالف أوامر حليفه لورنس الإنكليزي ..

ثمّ عفت الدولة العثمانية عن الأمير عبدو، ونزل دمشق، واحتفظ بعلم الحسين في دار أبيه)).انتهى [جهاد نصف قرن) لأنور الرفاعي ص79 إلى ص81]

وأما قصة رفض الأمير عبدو لطلب الضابط البريطاني لورنس بنسف الجسر الحديدي، وتركه له فقد ذكرها أكثر من مرجع. وأهمها ما ذكره لورنس نفسه في كتابه (أعمدة الحكمة السبعة) ص390، وكتابه (ثورة الصحراء) ص103، حيث خصص صفحات تحدّث فيها عن الأمير عبدو وشقيقه الأمير سعيد، ووصف الأول بالتعصّب الديني وأنّ إسلامه وقف ضد مسيحيّته، وكان يصفه بعدوّه القديم. وفي تلك الصفحات برزت نفسيته العِدائية نحوهما بوضوح تام.

يتابع الأستاذ أنور الرفاعي فيقولك: (( .. وما كاد الأمير سعيد يستقر بدمشق ويتصل بأنصاره وأعوانه ـ وكانت الثورة العربية قد اندلعت وتراجع الترك عن الجزيرة العربية وأصبحت فلسطين وسورية مهددة، وأُسندت قيادة الجيش في فلسطين إلى جمال باشا المرسيني المعروف بجمال باشا الصغير تمييزًا له عن جمال السفاح ـ حتى رأت الدولة العثمانية حاجتها إلى الأمير شديدة، ليقوم بمهمة الوسيط بينها وبين الأمير فيصل قائد جيوش الثورة العربية، فلقد حاولت تركيا أن تسترضي فيصلاً، بعد أن سبق السيف العذل، وبعد أن أطلق والده الملك حسين أول رصاصة إيذانًا بثورة العرب الكبرى وبعدما تقدمت جيوش الثورة العربية وضيّقت على الأتراك في الحجاز، وضربت سكة حديد الحجاز وتقدمت شمالاً وأخذت تستعد لدخول سورية في الوقت الذي أصرّ فيه الملك حسين على الحلفاء تسيير حملة إلى فلسطين تساند الجيش العربي، وكانت بريطانيا تهيئ حملة الجنرال (اللنبي) التي حررت فلسطين عن قريب من أيدي العثمانيين ولكنها مع الأسف حررتها من حكم، لتكبلها بحكم أشد وأقسى، نعم في هذه الوقت وصلت إلى الأمير سعيد رسالةٌ شخصية مع موفد خاص من قبل جمال باشا المرسيني يرجوه فيها التكرم بزيارته في مقر قيادته في (السّلط) في شرقي الأردن وكان ذلك في أواخر شهر تموز عام 1918م.

وقد أخذ جمال المرسيني يشرح للأمير موقف الجيوش العثمانية المتخاذل، وقوة الأمير فيصل والجيوش العربية، ويستفز حماسة الأمير الدينية، ويقول له:"لقد هاجمت جيوش الأمير فيصل جيوشنا وأعملت فيها السيف، ونحن مسلمون قبل كل شيء، ويجب حقن دماء المسلمين، والصلح خير الحلول بيننا، ولقد جرت بين الأتراك والأمير فيصل مراسلات من عدة شهور لم تأت بطائل، وإني لم أجد الآن خيرًا منك ليذهب إلى فيصل ويقوم بدور الوسيط في الصلح بيننا وبينه، وذلك لشرف عائلتك، ولانتسابك إلى الرسول العربي الكريم صلى الله عليه وسلم كانتساب الأمير فيصل، فأنتم أبناء عم، ولمقدرتك ومقامك عند الجميع ولإخلاصك إلى الخليفة العثماني وحبك لحقن دماء المسلمين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير