تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 03:39 م]ـ

ونترك وصف هذه الساعة التاريخية إلى جريدة المقتبس التي كان يصدرها العلاّمة الجليل الأستاذ محمد كرد علي، التي صدرت ذلك اليوم ووصفت رفع علم الحسين على السرايا وبيان الأمير سعيد وصفَ شاهد عيان، قالت المقتبس:""كان يوم أمس الاثنين سنة 1918 تشرين الأول من الأيام الكبرى في تاريخ الناطقين بالضاد عامة وقاطني حاضرة الشام خاصّة؛ خَفَقَ فيه العلم العربي ذو الألوان الأربعة على الرؤوس بعد أن طال العهد ونَسيت الأمة العربية أنّ الدهر ربما أعادها سيرتها الأولى وبدلها من عسرها يسرًا ومن يأسها أملاً.

اخفُقْ علَمَ محمد بن عبد الله القرشي النبي الأمين ومَثِّلْ للبشر عظمة الأمويين ببياضك والعباسيين بسوادك واليمانيين باحمرارك وجيش النبوة باخضرارك، واتلُ على الناس:

إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفًا ... أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا

بيضٌ صنائعنا، سودٌ وقائعنا ... خضرٌ مرابعنا، حمرٌ مواضينا "")).انتهى

ونقلتْ هذا المقال مع كلمة الأمير سعيد التي ألقاها في حينها جريدةُ النضال في عددها 1226 الصادر في يوم الجمعة 10/صفر/1363هـ الموافق 4/شباط/1944م. [كتاب (جهاد نصف قرن) ص98 ـ 101]

دمشق في آخر عام 1918م

بقي الأمير سعيد طوال الليل يتابع الأحداث مع رفاقه (( .. وفي الصباح الباكر كلّف شاكر بك الحنبلي كتابة كتابين أحدهما للقائد الإنكليزي والآخر للقائد الإفرنسي لإبلاغهما تأسيس الحكومة الوطنية ولإنذارهما بعدم جواز دخول الجنود الأجنبية قبل إشعار هذه الحكومة، عِلمًا منه بأن جيش الأمير فيصل لا يزال بعيدًا عن الشام وكان هو على علم واتفاق مع الأمير فيصل في (وَهيْد) غربي معان يوم اجتمع إليه فطلب منه فيصل أن يُعلن هذا الاستقلال وأن لا ينتظر قدومه خشية أن تسبقه جيوش الاحتلال.

وما طلع فجر 1/ 10/1918م حتى أحاطت بالمدينة جنود جيش يتجاوز العشرة آلاف جندي من جنود الإنكليز يتقدمه ماجور أوسترالي اسمه (الماجور آرتر أولدن) فأرسل الأمير رسولاً قابل القائد وسأله عن مطلبه فقال إنه يقصد احتلال فندق فكتوريا ورفع العلم الإنكليزي عليه بصفته أول جيش دخل، كما كان مقررًا بين الجيش الإنكليزي والجيش الإفرنسي وقيادة الجيوش الشمالية التابعة للجنرال (اللنبي).

وأمر الرسول بالرجوع ثانيًا وإبلاغ قائد الحملة ودعوته إلى الحضور إلى قيادته فأخَذَتِ القائد ريبةٌ لعلمه أن جمال الصغير كان بالأمس يسكن الفندق ولم يعلم ما حصل في الليل.

وما طال تردده بل ذهب إلى دار الحكومة ولما وصل إلى رتاج السراي خاطب السيد عبد الحليم اللاذقاني بالإنكليزية قائلاً:"إذا كان هناك حاكمٌ فليأت لعندي" وبقي حذرًا وسلاحه بيده مع زملائه الضباط. وخرج الأمير إلى الشرفة وخاطب القائد باللغة الإنكليزية قائلاً له:"اصعد إلى هنا، هنا الأمير سعيد" فبغت القائد حينما سمع صوتًا جهوريًا بالإنكليزية يُملي عليه أمرًا عسكريًا فما وسعه إلا الامتثال.

ولما دخل الميجر الاسترالي (آرتر أولدن) قائد الطليعة الإنكليزية التي دخلت دمشق، على الأمير في دار الحكومة بادره قائلاً بواسطة الترجمان:"ولماذا دخلت شاهرًا السلاح لمدينة مستقلة لها نظامها ولها تقاليدها؟ "

فردّ الضابط قائلاً:"دخلت بأمر من الجنرال (اللنبي) لمدينة يحكمها الترك لاحتلالها احتلالاً عسكريًا"

وردَّ عليه الأمير:"إذن ينبغي أن تعلم أنك على خطأ بقولك أنك دخلت لاحتلال مدينة تركية وما كان ينبغي لك أن تدخل وجيشك شاهرين سلاحكم لمدينة تملك حريتها واستقلالها، ولولا أنكم تنتسبون إلى حكومة حليفة لما اعتبرناكم ضيوفًا عندنا وطلبنا إليكم أن تنسحبوا"

وإزاء هذا الأمر الواقع لم يسع الماجور إلا أن يتراجع بنظام مجيبًا الأمير بقوله:"يا سمو الأمير! نحن لم ندخل إلى العاصمة بقصد الإساءة إلى حكومة حليفة لنا بل جئنا لنضع هذا الجيش تحت تصرفكم لتتمكنوا بواسطته من توطيد الأمن بعاصمةٍ خلت من رجال الأمن والشرطة"

فقال الأمير:"إن الأمن في البلاد كان بيد أهل البلاد زمن الترك وأنت حينما دخلت بجيشك هل وجدت غير الهدوء والسكينة والنظام؟ ولما كان عندنا من الجند المتطوع ورجال الدّرك والشرطة ما يخولنا إمدادكم بصفتكم حلفاء فنحن على استعداد لمعونتكم"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير