تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فانحنى الماجور وشكر الأمير ورجاه أن يمدّه بأدلاّء يذهبون معه لجهة باب شرقي حيث لايزال في تلك الجهة فلول من بقايا الجيش التركي والألماني.

ونادى الأمير الأميرالاي زكي بك العظمة وعزت بك الخوجة وأمرهما بالذهاب مع الجيش الإنكليزي شرطَ أن لا يتدخلا بأي أمر حين لقاء فلول الترك بل عليهما أن يأمراهم بالتسليم باسم الحكومة المؤقتة. وهكذا حصل، وقد سلّم الترك لمجرد إخطارهم بالتسليم من قِبَل الضابطين العربيين.

وما كادت هذه الحادثة تنتهي حتى دخل الشريف ناصر ووراءه 30 فارسًا فدخل على سمو الأمير وسلم عليه ولمّا علم أنه رسول الأمير فيصل وأول طليعة له؛ ولمّا كان الأمير ليس ممن يشتغلون في خدمة الوطن لطمعٍ وهو يعلم أخلاق الناس ما يعلم، وخوفًا من أن يحدث تصدع في الصفوف من أجل هذا الكرسي المؤقت الذي شغَلَه بكل جرأة ودراية، كلّف الشريف ناصر بإشغال كرسي الحكم ريثما يصل الأمير فيصل، فاعتذر هذا بمرضه الشديد وقال له:"يا للعجب أما تلقيت كتابًا من الأمير يرجوك فيه إدارة الحكم حتى حضوره؟ " فأجابه بالنفي.

وقد ظهر أن الأمير فيصل بعث بكتاب مع فائز بك الغصين سلّمه بالفعل لجماعة زعمت أنها من أنصاره، وقد لعبت أيدي الطامعين بهذه الرسالة؛ وبناءً على إصرار الشريف ناصر بعدم إمكانه إشغال هذا المنصب لمرضه كلّفه الأمير سعيد أن يكتب له تفويضًا بإدارة الحكومة حتى حضور الأمير فيصل، فكتب ما يلي: (إن سمو الأمير محمد سعيد مكلّف بإدارة الحكومة لحين حضور مولانا سمو الأمير فيصل) الإمضاء ناصر بن راضي رسول الأمير))

((وأمر الأمير سعيد جماعته باستصحاب الشريف ناصر وجنوده إلى داره العامرة بالعمارة والقيام بضيافتهم. وما كاد يذهب الشريف إلى دار الإمارة حتى دخل (لورنس) ومِنْ ورائه جموع العرب وفي مقدمتهم سلطان باشا الأطرش والشيخ عودة أبو تايه وغيرهم.

فتقدم الأمير من لورنس وأبلغه بأن هنا حكومة مؤقتة أعلنها باسم جلالة الملك حسين وأراه العلم الذي أتى به الأمير عبدو أخوه من الحجاز، فدخل لورنس البهو الكبير وهناك أخذ ذوو المطامع بدس الدسائس بحق الأمراء الذين كان لهم الفضل بتوطيد الأمن ولولا قيامهم بعملهم المفاجئ وإعلانهم الاستقلال لَنَسَفَ الألمان العاصمة بالمدافع التي وضعت بجبل قاسيون وأُعدت لنسفها في آخر لحظة، ولكن إعلان الاستقلال بتلك الجرأة أوقعهم بتلاشٍ فلم يتمكنوا من غايتهم وإن تمكنوا من إحراق الذخائر ونسف باركات السيارات في أطراف المدينة ولا تزال آثارها باقية إلى الآن في باب شرقي والقدم)).

((ولما كانت هناك خطة مدبّرة ترمي إلى وضع الحكومة تحت نفوذ الإنكليز الذين لم يمكنهم الأمراء الجزائريون من بغيتهم فقد أصبح وجود الأمراء على رأس الحكم عقبة كأداء في سبيل المطامع الإنكليزية وتأمينًا لهذه الغاية فقد دسّ بعضهم على الأمراء بأنهم يتآمرون مع الشريف ناصر الذي أخذوه إلى دارهم مع أن دعوتهم للشريف ناصر صدرت بناءً على حقوق الضيافة، ولصلة الأمير سعيد بالأمير فيصل صلةً سبقت كل هذه الحوادث يوم مقابلته له في 6 آب بمقر جيوشه بـ (وهيد) غربي معان وما قام الأمير سعيد بكل هذه الحركات إلا لإنقاذ البلاد من الفوضى وإبعاد مطامع الأجانب عنها وكان يصرف على الفرقة المتطوعة من ماله الخاص مما لم يُسبق له نظير بين الذين اشتغلوا بالسياسة ومع ذلك فقد تنحى عن الحكم بملء إرادته واختياره تاركًا الحكم لذوي المطامع وإن ما كتبه (لورنس) في كتابه (ثورة في الصحراء) لأعظم دليل على صدق ما نقول.

وبينما كان الشريف ناصر على وشك الجلوس على مائدة الأمير سعيد جاء رسول (لورنس) وهمس في أذن الأمير طاهر، بوجوب ذهاب الشريف ناصر مع أحد الأمراء إلى مقرّ الحكومة حالاً، فرفض الأمير عبدو أخو الأمير سعيد الطلب وأجاب الرسول بأن الشريف يحضر بعد تناول الطعام.

وما ذهب الرسول إلا ليعود بسرعة البرق لينذر الشريف ناصر بهذا القول:"إذا لم يحضر الشريف ناصر إلى دار الحكومة سريعًا، فإني أحضره بالقوة وألقي القبض على الأمير سعيد"

وامتنع الشريف ناصر عن الطعام حينما سمع هذا الإنذار وطلب من الأمير سعيد أن يرافقه قائلاً:"ربما حدث حادث مهم أو جاء خبر من الجبهة يدعو إلى ذهابنا حالاً"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير