ولا غرابة في موقف الجنود الفرنسيين من الأمير عبد القادر؛ وإليكم مثالاً قريباً: ففي الحرب العالمية الثانية، وبعدما عُيّن الماريشال "رومل" قائدًا للجيوش الألمانية في شمال إفريقية، راح يُنكّل بالقوات البريطانية والفرنسية ويذيقها الهزائم المتتالية، وكانت مناوراته العسكرية البارعة تُعدّ من المعجزات بنظر قوات التحالف، إلى أن وصل بقواته إلى مدينة "العَلَمين" قرب الإسكندرية.
عندئذ أيقن الإنكليز وحلفاؤهم الفرنسيون أنّ الخطر داهم، فعزلوا قائد قوات الحلفاء في شمال إفريقية الجنرال "ألكسندر"، وعيّنوا بدلاُ منه عبقريّة عسكرية مماثلة لرومل هو الجنرال "المنتوغمري" ... فتسلّم القيادة فورًا، وفوجئ، كما قال في مذكراته، أنّ القائد لجيوش الحلفاء في الواقع رومل وليس ألكسندر!! فأحاديث الجنود البريطانيين والفرنسيين كانت تدور عن معجزات رومل العسكرية ومناوراته الناجحة والرائعة.
ولَمَسَ الإعجاب الشديد لدى جيوشه برومل إلى درجة أنّ البعض لم يتورّعوا عن إلصاق صورته في مهاجعهم!!
مما دعا المنتوغمري إلى عقد ندوات وإلقاء دروس في الوعي القومي وأخطار الإعجاب بالعدو. [انظر (أصحاب الميمنة) ص152]
وأمّا الأمير عبد القادر فإن الأمر لم يكن مقتصرًا على شجاعته ومهارته العسكرية وعبقريّته القتالية! فإنّ التزام الأمير بالأخلاق الإسلامية الحميدة، وتطبيقه للأوامر الشرعيّة الخاصة بشؤون الحرب والقتال والأسرى، حمَلَ أعداءه على محبّته والإعجاب به، وعلى الإعجاب بدين الإسلام، فتحوّل الكثير من الضباط والجنود الفرنسيين إلى الإسلام، وانحازوا إلى معسكر الأمير والجزائريين، وساعدوا في تدريب جيش المجاهدين، وفي بناء معامل الأسلحة، وفي التخطيط الحديث للمعارك مع الجيش الفرنسي المعتدي، وبذلك كان النصر للمجاهدين وللدعوة الإسلامية في ذلك العصر، بعدما كانت الدعاية الأوربيّة تشوّه صورة الإسلام والمسلمين وتظهرهم بمظهر المتوحشين.
فكيف أصبحت هذه المنقبة والمكرمة للأمير بنظر الأخ محمد المبارك مذمّة ومثلبة؟؟!!
ولا حول ولا قوة إلاّ بالله
خلدون مكي الحسني
للبحث صِلة إن شاء الله
ـ[أبو الحسين الزواوي]ــــــــ[02 - 11 - 08, 12:27 م]ـ
إيهِ أبا إدريس .. واصل وصلك الله بطاعته ..
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[11 - 11 - 08, 01:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثانية عشرة
أريد أن أنبّه إلى شيء هام وهو أن الأخ الكاتب صاحب (فك الشفرة) لم يقف عند الطعن بالأمير عبد القادر وحده، أو بحفيده الأمير سعيد، وإنما تعدّاه إلى الطعن بذرية الأمير عبد القادر، وإلى الطعن بكبار علماء الشام ومفتيها ومحدّثيها وأشرافها!!!
لقد اتّهم كبار رجالات الإسلام في الشام في ذلك العصر بالانخراط في سلك الماسونية معتمدًا على كلام المدعو شاهين مكاريوس؛ منهم: الشريف الشيخ محمود الحمزاوي مفتي دمشق الشام، والشيخ المحدّث سليم العطار، والعلاّمة الشيخ محمد المنيني مفتي دمشق، و المُحدّث وابن شيخ المحدّثين في الشام الشيخ أحمد مسلم بن عبد الرحمن الكزبري، والعلاّمة الكبير الشيخ محمد الطنطاوي (جدُّ شيخنا العلامة علي الطنطاوي رحمه الله)، ونقيب الأشراف بدمشق السيد حسن تقي الدين الحصني، وغيرهم ...
ونحن إذا عدنا إلى الكتب التي ترجمت لهؤلاء الرجال الكبار مثل (الأعلام) للزركلي،و (حلية البشر) للبيطار، و (روض البشر) للشطي، و (منتخبات التواريخ) لأديب الحصني، لوجدنا أنفسنا أمام شخصيات مرموقة نزيهة وصفها العلماء المعاصرون لها بالعلم والتقوى والديانة والفضيلة، والعلماء الذين ترجموا لهم لم يكونوا يجاملون أو ينافقون لأحد، وقد ذكروا بعض الأشياء التي ينتقدونها على بعض تلك الشخصيات، وتعرّضوا كذلك إلى شيء من المؤاخذات، ولكن ليس في شيء منها أي جرح في الإيمان والديانة، ولو كانوا من الماسون لذكروا ذلك عنهم. ولكن فيما يبدو لا يعلم أحد أنهم من الماسون إلاّ مكاريوس هذا!!
¥