تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

7ـ وكذلك أهل إسبانيا قد انتخبوه في جملة من انتخبوهم للمُلك عليهم حين وقوع الفتنة بينهم قبل أن يتولى ملكهم المتوفى أخيرًا. فتشكّر الأمير للأُمّتين على اعتبارهما لمقامه بما دلَّ على ما تكنّه صدورهم من احترامه وإعظامه)).انتهى [6و7 من تحفة الزائر 2/ 145] (يذكرني هذا بما حدث في أيامنا هذه عندما طلب بعض النواب الإسلاميين في الأردن من (هوغو شافيز) رئيس فنزويلة أن يكون رئيسًا للجامعة العربية أو رئيسًا لمنظمة المؤتمر الإسلامي! وما ذلك إلاّ بسبب موقفه الشجاع والرجولي عندما طرد السفير الإسرائيلي من فنزويلة وقطع علاقات بلاده مع إسرائيل فور وقوع الهجوم اليهودي الهمجي على غزّة 1430هـ /2009م، وزيادة على ذلك خطب عدة خُطَب هاجم فيها النظام الإسرائيلي ووبَّخه)

8ـ وكذلك كان معظم الشعب الفرنسي يحترم الأمير عبد القادر ويجلّه، وقد تجلّى ذلك بداية في الاحتفالات التي أقاموها بمناسبة إطلاق سراحه من السجن، وازدحام الناس بشدة في شوارع المدن الفرنسية التي كان يمرّ بها في طريقه من سجنه في "أمبواز" إلى العاصمة "باريس"، وليس لتلك الحشود همٌّ إلاّ النظر إلى الأمير ومحاولة مصافحته أو إلقاء التحيّة عليه. وحتى بعد سفر الأمير من فرنسة متّجهًا إلى "بروسة" في تركيّا وبقائه فيها ثلاث سنوات ثمّ انتقاله إلى دمشق وبقائه فيها تسع سنوات، عاد الأمير فزار فرنسة، بعد اثني عشر عامًا، وذلك خلال رحلته السياسية المشهورة التي بدأها بزيارة الخليفة العثماني في الآستانة؛ والتي كان من جملة أغراضها التوسط والشفاعة في أعيان دمشق الذين حكمت عليهم السلطات العثمانية بالنفي إلى "قبرص" و"روديس" إثر حادثة (فتنة النصارى) سنة1860م التي فصّلت الحديث عنها سابقًا، وقد قَبِل الخليفة شفاعة الأمير وسرّح المنفيين وأعادهم إلى أوطانهم؛ ثم طلب الأمير من الخليفة التوسط لإطلاق سراح الشيخ شامل الداغستاني، فأخبره الخليفة أنه مستعدّ لكفالته واستقباله في أراضي الدولة العثمانية، ثم أرسَلَه إلى فرنسة ليُقابل الإمبراطور لويس نابليون، ويطلب منه التوسط لدى قيصر روسيا لإطلاق سراح الشيخ شامل؛ ((وعند وصول الأمير إلى مدينة "مرسيلية" استقبله حاكمها بالاحترام واهتزّت البلد بأهلها لقدومه، فإذا خرج من محلّ نزوله تبعته زُمَرُ الأهالي ينظرون إليه احتفالاً به واحتفاءً، وكانت جماعات كثيرة تجتمع في ساحة الدار النازل فيها، ويصرخون: "فليعش الأمير عبد القادر". وكذلك الحال في مدينة ليون وباريس.

واستنفرت الجرائد والمجلاّت للحديث عن الأمير وعن لطفه وكماله وافتخار بلادهم بزيارته)).انتهى [انظر (تحفة الزائر) 2/ 157ـ158]

9ـ واحتفل الشعب الأمريكي بتسمية إحدى مدنه في ولاية ( Iowa) باسم الأمير عبد القادر (وذلك بعد وفاته).وهذا الاسم باقٍ إلى اليوم.

إذن الشعوب الغربية كانت تحترم الأمير وتُكن له التقدير والإعجاب،

والسبب الأوّل: هو موقفه الشجاع في الدفاع عن بلده وهو شاب عمره خمس وعشرون عامًا، وإقامته للإمارة الإسلامية التي وقفت في وجه الاعتداء الفرنسي مدّة خمسة عشر عامًا،

والسبب الثاني: هو ثباته على مواقفه وثوابته الدينية مدّة سجنه خمس سنوات، على الرغم من التضييق عليه وصعوبة السجن وفقدانه لبعض أبنائه وأقاربه وأحبابه فيه.

والسبب الثالث: حزمُه في الدفاع عن دين الإسلام ورفضه لجميع المغريات والعروض الفرنسية التي تريد منه البقاء في فرنسة بصفة مواطن فرنسي!

والسبب الرابع: موقفه في الدفاع عن المواطنين النصارى العزّل في بلاد الشام عندما اعتدى عليهم الدروز وبعض أشقياء الشام. والغرب المسيحي كان يظن ويُوهَمُ أنّ جهاد الأمير وحربه على فرنسة إنما هو بسبب الحقد على المسيحيين، فلمّا شاهدوا الأمير يبذل وسعه في مساعدة المسيحيين المنكوبين في الشام، أدركوا أنه لا يضمر الكراهية أو الحقد للديانة المسيحية أو لمعتنقيها. وأنه ليس بالسفاح أو محب سفك الدماء، وإنما هو رجلٌ منضبط بأوامر دينه الإسلامي، الذي يأمره بجهاد المعتدين، وبالوفاء بذمّة الكتابيين النّازلين تحت الحكم الإسلامي!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير