فماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أنّ أصحاب تلك الشخصيات أو أبناءهم أو الموالين لهم أخذوا يحاولون تشويه صورة الأمير لكي يجمّلوا صورهم ويُنقذوا سُمعتهم!
فإذا ذُكِرَ الجهاد وتألّق الأمير في مجاله؛ قال المتخاذلون عن الجهاد الذين لا يد لهم فيه ـ وبكل بلاهة وسفاهة ـ إنه صديق فرنسة وهي تُعينه!!
وإذا ذُكِرت الفتنة وتصدي الأمير لها وفقًا لأحكام الإسلام؛ قال المتورّطون فيها والمخالفون لشريعة الإسلام إنّه ماسوني!!
وإذا ذُكِرَت النهضة العلمية والتبصرة الفكريّة والدروس الحديثيّة والتمسّك بالسنّة النبويّة ونبذ التقليد، قال المتحجّرون، والمبتدعون، إنّه فيلسوف وجودي وعلى قدم ابن عربي!!
وإذا ذُكِرَ التزامه بأحكام الشرع الإسلامي في حُسْن معاملته للأسرى، ومحافظته على عهوده، قال الغافلون عن أحكام الشرع وآدابه، إنه مفتون بالحضارة الغربية!!
وإذا ذُكِرَت المواقف السياسية المتمسّكة بالمبادئ الإسلامية والمتحلّية ببعد النظر والحكمة والإخلاص، قال الفاقدون لهذه الصفات إنه يُنفذ المخططات الغربية!! (رمتني بدائها وانسلّت)
وإذا ذُكِرَ الكرم والسّخاء والبذل والعطاء واتّصاف الأمير بها؛ قال المحتكرون والأَشِحّاء والقابضون إنّه يتلقى الأموال من فرنسة لأنه موظف عندها!!
وهذا حال كل ذي نعمة وقدر عظيم؛ يقول الله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا} [النساء:54]
****************************************
([1]) أظن أنه لم يعد خافيًا اليوم ميلُ وانحيازُ هذه القناة إلى الجهات المعادية للإسلام والمسلمين!! ـ بعد حرب اليهود على المسلمين في غزّة والموقف المخزي لقناة "العربية" من أحداث تلك الحرب على وجه الخصوص.
([2]) ملاحظة: يتّخذ بعض الناس ـ في مجتمعاتنا العربية الإسلامية ـ من المديح أو الثناء الصادر من جهة الغرب اليهودي النصراني أو العلماني تجاه شخصيّة عربية مسلمة، وسيلة لاتهام تلك الشخصية! بصرف النظر عن طبيعة تلك الشخصية، وهذا فعلٌ غير صائب، لأنّ بعض كتّاب وعلماء الغرب المنصفين قد يُثني ويمدح رجال الإسلام إذا رأى فيهم فضائل ومحاسن ومزايا لا مجال لنكرانها. وأوضح مثال على ذلك هو كتاب (المئة الأوائل) فإنّ كاتبه اليهودي الأمريكي "د. مايكل هارت" جعل الشخصيّة الأولى في العالم هي شخصية نبيّ الإسلام سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[28 - 01 - 09, 06:26 م]ـ
فإذا كان الحُسّاد يرمون خصومهم بالتهم والأباطيل، فهل يُعقل أن يَقْبل الدارسون للتاريخ والرجال، أو القرّاء من العرب والمسلمين هذه التهم ويُصدِّقوها دون دليل أو برهان؟!
والأمر ليس مقصورًا على الحسّاد والخصوم من العرب والمسلمين، وإنما دخل فيه أيضًا الكتّاب الغربيون الذين وجدوا أنفسهم مضطرين للاعتراف بسمو شخصية الأمير عبد القادر ـ العربي المسلم ـ وبعظيم مآثره! ولكنهم حاولوا أن يصبغوا حديثهم عنه ومديحهم له بشيء من تراثهم المُتَهَرِّئ ومدنيّتهم الزائفة!
فها هو الكولونيل تشرشل عندما يتحدث عن التزام الأمير عبد القادر الديني وقيامه بشعائره وسعيه الدائم لمزيد من القُربات والطاعات، بخلاف حكّام الغرب وقادته العسكريين الذين لا هَمَّ لهم إلاّ الطغيان والزهو بجرائمهم الحربية وإسرافهم في الملاهي والملذات والفحش وصحبة العاهرات!
يقول: ((وطالما اشرأبّت نفس عبد القادر إلى تحقيق أملٍ ورغبة، وهي أن يكون قادرًا عاجلاً أو آجلاً، على إكمال واجباته الدينية بتتويجها بعملٍ آخر من أعمال العبادة. ففي عين المسلم الحقيقي ليس هناك رتبة دنيوية أو تقدير يمكن أن يُقارن بذلك مثل الميزة العالية التي يُطلق على صاحبها (مجاور النبي)، ولكي يحقق المرء هذه الميزة يجب عليه أن يُقيم باستمرار في مكّة أو في المدينة مدّة سنتين، أو على كل حال أن يبقى في الحرمين الشريفين حتى تتعاقب عليه حجّتان ويغادر الحجيج بعدهما الحرمين المذكورين.
وعندما سُئل ذات مرّة كيف يستطيع أن يفصل نفسه في مثل سِنِّه (55سنة) عن عائلته كل تلك المدة؟ أجاب:"حقيقةً إن عائلتي عزيزةٌ عليّ، ولكنّ الله أعزُّ منها".
¥