يقول الأستاذ هشام الغراوي؛ الخبير المحلّف بشؤون الوثائق: ((الوثيقة 4 تَبيَّنَ بالدراسة الفنية الكاملة عليها أنها مزوّرة أيضًا بكل وضوح في أسطرِها التسعة وختمِها وإمضائِها:
فالنصُّ خالٍ من الحمد بالأعلى (خلافًا لعادة الأمير فيما عهدناه في رسائله الصحيحة)، وجاءت الكتابة بالخط "الرقعي/المشرقي" من العصر التركي، وبعيدٌ كل البعد عن الخط المغربي للأمير بأدلة كثيرة جدًّا ظاهرة بالعين المجرّدة ولا تحتاج إلى تفصيل بعد الذي سبق لنا بيانه، وعدد هذه الأدلة يتجاوز "التسعة" بكثير، وفي مقدمتها التركيب الإنشائي المخالف تمامًا لأسلوب الأمير بكتاباته الصحيحة، فضلاً عن عدم معقولية ما فيها من كلامٍ مرفوض لا يُصدّق صدوره عن الأمير من حيث الدعاء لرجال الماسونية بأن يبلّغهم الله أقصى مرادهم (الذي كان مجهولاً في ذلك العصر، حينما لم تكن الماسونية قد انكشفت عالميًا على حقيقتها السرية الرهيبة)؛ وهي مؤرّخة في 10آب (آغسطوس 1864 وتحمل خاتمًا جديدًا لم نرَ مثله في الوثائق الصحيحة (الثابتة على ختم واحد) .. وكأنّ الأمير رحمه الله كان يملأ جيوبه بمجموعة من الأختام .. ثم يتعمّد أن يختم كل وثيقة بخاتم خاص بها! .. ويمتاز الخاتم المنسوب للأمير بهذه الوثيقة (4) بأنه محاط بإطار شبه دائري، وبمثابة ( out line) منتظم لا نجد له مثيلاً بالأختام الأخرى المزوّرة .. ولا الصحيحة!.)).انتهى [من التقرير الفني ص7ـ8]
طبعًا هذا الكلام ينطبق على الرسالتين الأخريين. وبهذا يتبيّن سقوط هذه الشبهة وهذه التهمة.
(والأستاذ هشام الغراوي خبير في الخطوط والوثائق والمخطوطات، وهو الخبير المحلّف بشؤون الوثائق لدى وزارة العدل السورية مدّة 28 سنة، من 1952 إلى 1979م. ويقيم في "أنقرة" بتركية، متفرّغًا للبحث العلمي بشأن المخطوطات والكتب العربية الأثرية، وهو مرجعٌ لكثير من الباحثين يساعدهم في قراءة المخطوطات وفكّ المستعصي فيها).
ـ وهنا نلاحظ بوضوح جهل هذا الكاتب (تشرشل) بحقائق شهيرة وهي أنّ قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وليس في مكّة!! ولذلك من الخطأ الاعتماد على كل ما يذكره الكتّاب الغربيون عن الإسلام ورجاله!
**************************************
([2]) مثال على ذلك ما يفعله مدير الفضائية العربية من تكرير عرض فيلم الأمير عبد القادر ووصفه بالماسوني! مع أنّ مدير تلك القناة هو أنسب بذلك الوصف وأفعاله أكبر شاهد لا على ماسونيّته بل على ما هو أسوء منها!!
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[28 - 01 - 09, 06:37 م]ـ
والآن مع شبهة جديدة: فبعدما تهاوت وسقطت جميع الحجج التي ساقها متَّهمو الأمير بالماسونية، اضطروا إلى اللّجوء لأشياء أخرى ولو كانت بعيدة، ولكن يمكن بتضافرها أن تخلق شكوكًا عند بعض الناس وتدعم حججهم الأولى!
قال الأخ محمد مبارك في (فك الشيفرة): ((كما لجأ إليه فردينان ديليسبس للتوسط من أجل إقناع العثمانيين بمشروع قناة السويس ـ والذي جلب الاستعمار الانجليزي فيما بعد ـ، و لذلك فقد كان الأميرعبدالقادر في طليعة المدعوين في الحفل الأسطوري الذي صنعه الخديوي إسماعيل في عام1869م احتفالا بافتتاح القناة)).انتهى
أقول: ما هو مصدر هذا الكلام العجيب المخالف لما هو ثابت في المراجع الكبيرة التي تحدَّثت عن قصّة شق قناة السويس؟
إنّ في هذا الكلام عدّة مغالطات! أوّلها الزعم أنّ فردينان دوليسبس لجأ إلى الأمير عبد القادر لإقناع العثمانيين بمشروع القناة.
وهذا طبعًا غير صحيح البتّة ولا دليل عليه. والحقيقة أنّ دوليسبس لجأ إلى الأمير سعيد باشا ابن محمد علي باشا حاكم مصر. والقصّة هي أنّ محمد علي باشا كان على صلة بالدبلوماسي ماتيو دوليسبس المقيم في مصر، وكان ابنه الشاب فردينان صديقًا للأمير سعيد ومعلّمًا له. ودوليسبس له قرابة من الإمبراطورة أوجيني، وكان يعمل في القنصلية الفرنسية وكان أبوه من قبله قنصلاً في القاهرة، فكان دوليسبس وهو صبي يختلط ببيت محمد علي وعرف معظم الأمراء الذين حكموا مصر بعد ذلك، وكان الأمير محمد سعيد الذي صار بعد ذلك واليًا على مصر من خاصة أصدقاء دوليسبس. وسبب اختصاصه به أنّ محمد علي غضب عليه فنفاه إلى باريس فلمّا قصدها وجد بيت دوليسبس أهلاً وسهلاً، فكان يصحب دوليسبس ويرافقه أينما ذهب. [عن مجلة
¥