تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما استدلال الشيخ د. القرضاوي برأي أبي حنيفة فهو رأي مخالف للإجماع، وقد رد على رأي الإمام أبي حنيفة النعمان – رحمه الله - الإمام السبكي فقال في فتواه في منع ترميم الكنائس ما نصه: " لعل أبا حنيفة إنما قال بإحداثها في القرى التي ينفردون بالسكنى فيها على عادتهم في ذلك المكان، وغيره من العلماء يمنعها لأنها في بلاد المسلمين وقبضتهم، وإن انفردوا فيها فهم تحت يدهم فلا يمكنون من إحداث الكنائس لأنها دار الإسلام، ولا يريد أبو حنيفة أن قرية فيها مسلمون فيمكن أهل الذمة من بناء كنيسة فيها. فإن هذه في معنى الأمصار فتكون محل إجماع ".

وقال في موضع آخر: " وقول أبي حنيفة بإبقائها في القرى بعيد لا دليل عليه، ولعله أخذه من مفهوم قول ابن عباس الذي سنحكيه في المصر، ونحن نقول: إنما يعني بالمصر أي موضع كان مدينة أو قرية ".

وقال أيضا عن قول ابن عباس: " وأما قول ابن عباس فاشتهر اشتهارا كثيرا ... وقد أخذ العلماء بقول ابن عباس هذا وجعلوه مع قول عمر وسكوت بقية الصحابة إجماعا ".ا. هـ.

وقال السبكي أيضاً عند حكاية الإجماع في المسألة: " فإن بناء الكنيسة حرام بالإجماع وكذا ترميمها، وكذلك قال الفقهاء: لو وصَّى ببناء كنيسة فالوصية باطلة، لأن بناء الكنسية معصية وكذلك ترميمها، ولا فرق بين أن يكون الموصي مسلماً أو كافراً، فبناؤها وإعادتها وترميمها معصية - مسلماً كان الفاعل لذلك أو كافراً - هذا شرع النبي صلى الله عليه وسلم ".ا. هـ.

وقال المرداوي في " الإنصاف ": " قوله (ويمنعون من إحداث الكنائس والبيع). قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: إجماعا ".ا. هـ.

ثالثا: بناء الكنائس في جزيرة العرب أشد أثما:

ما سبق ذكره فيما يتعلق ببناء الكنائس والبيع في بلاد المسلمين عامة، أما جزيرة العرب بالذات فالحكم فيها أشد.

قال ابن الهمام الحنفي في " فتح القدير ": " (قوله: وفي أرض العرب يمنعون من ذلك في أمصارها وقراها) فلا يحدث فيها كنيسة ولا تقر ; لأنهم لا يمكنون من السكنى بها فلا فائدة في إقرارها , إلا أن تتخذ دار سكنى، ولا يباع بها خمر ولا في قرية منها ولا في ماء من مياه العرب ويمنعون من أن يتخذوا أرض العرب مسكنا ووطنا , بخلاف أمصار المسلمين التي ليست في جزيرة العرب يمكنون من سكناها ولا خلاف في ذلك. وذلك (لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ").ا. هـ.

وقال العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله - في تقديمه لرسالة " حكم بناء الكنائس والمعابد الشركية في بلاد المسلمين " للشيخ إسماعيل الأنصاري – رحمه الله -: " وقد أجمع العلماء رحمهم الله على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلامية، وعلى وجوب هدمها إذا أُحدثت، وعلى أن بناءها في الجزيرة العربية كنجد والحجاز وبلدان الخليج واليمن أشد إثما وأعظم جرما؛ لأن الرسول r أمر بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب، ونهى أن يجتمع فيها دينان، وتبعه أصحابه في ذلك

ولما استخلف عمر t أجلى اليهود من خيبر عملا بهذه السنة، ولأن الجزيرة العربية هي مهد الإسلام ومنطلق الدعاة إليه ومحل قبلة المسلمين فلا يجوز أن ينشأ فيها بيت لعبادة غير الله سبحانه كما لا يجوز أن يقر فيها من يعبد غيره. ".ا. هـ.

وقد صدرت فتوى اللجنة الدائمة رقم (21413) في 1/ 4/1421هـ بشأن المعابد الكفرية مثل الكنائس، وتحريم بنائها في الجزيرة العربية بالذات فقالت: " وأجمع العلماء - رحمهم الله تعالى - على أن بناء المعابد الكفرية ومنها: الكنائس في جزيرة العرب أشد إثماً وأعظم جرماً، للأحاديث الصحيحة الصريحة بخصوص النهي عن اجتماع دينين في جزيرة العرب، منها قول النبي: "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب". رواه الإمام مالك وغيره وأصله في الصحيحين ".ا. هـ.

رابعا: تحريم الإعانة على بناء الكنائس بأي نوع منها:

أما الإعانة على بناء الكنائس في بلاد المسلمين بأي نوع من الإعانة فهو أمر خطير جدا.

قال الإمام الشافعي في " الأم " (4/ 203): وأكره للمسلم أن يعمل بنّاء، أو نجاراً، أو غير ذلك في كنائسهم التي لصلاتهم ".ا. هـ.

والكراهة عند السلف تعني التحريم كما قرر غير واحد من أهل الأصول، فلا يفهم من كلام الإمام الشافعي أنها كراهة التنزيه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير