أمّا النصيحة: يزيد من ثمن الكراء ولا يفتح على نفسه باب شقاء، فليشترِ الهناء بالمال.
السؤال السابع عشر:
- عن بريدة رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ((لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدَنَا فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدَكُمْ فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ)).
شيخنا، يكثر في إسبانيا عند المخاطبة قول: ( seneor / seneora، سيدي / سيدتي)، وأظنه لايستعمل حسب معناه في اللغة العربية، فما حكم ذلك؟ وما معنى قوله: (إِنْ يَكُ سَيِّدَكُمْ)؟
- ما حكم بدأ الكافر بالتحية من غير السّلام الشّرعي؟
الجواب:
لا يجوز مخاطبة الكافر بأي عبارة فيها تسويد له، لأنّ في ذلك تعظيما له ونحن منهيّون عن ذلك.
قال الشّيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في " معجم المناهي اللّفظية " (297):
"سِستَر: هذه اللفظة في اللغة الانكليزية بمعنى الأخت، وقد انتشر في النداء بها في المستشفيات للمرضات وبخاصة الكافرات. وما أقبح بمسلم ذي لحية يقول لممرضة كافرة أو سافرة: يا سستر أي: يا أختي .. إلى أن قال: ومثله قولهم للرّجل: (سير, أو مستر) بمعنى: سيّد، فعلى المسلم أن يحسب للّفظ حسابه، وأن لا يَذِلّ وقد أعزّه الله بالإسلام ".
وقال في صفحة (303): " السيّدة عائشة رضي الله عنها، ههنا أمور: - ثم قال في الأمر الثاني- تسمية كل امرأة " سيدة " مسلمة كانت أو كافرة، صالحة أم فاسقة، هذا لا يجوز لأن تسويد الفاسق و الكافر مما نهى عنه الشرع المطهر، ومنه ما ثبت عن النبيّ عن بريدة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ((لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدَنَا فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدَكُمْ فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي)) " اهـ
وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/ 771): " وأمّا أن يخاطب بسيدنا و مولانا ونحو ذلك، فحرام قطعًا، وفي الحيث المرفوع: ((لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدَنَا فَإِنَّهُ إِنْ يَكُن سَيِّدَكُمْ فَقَدْ أَغضبتُمْ رَبَّكُمْ)).
أما بدأ الكافر بالتحية من غير السلام الشّرعي، فقد قال الشّيخ ابن عثيمين:
" ولا يجوز كذلك أن يُبدئوا بالتحية كأهلاً وسهلاً، وما أشبهها لأنّ في ذلك إكراماً لهم وتعظيماً لهم، ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول لهم مثل ما يقولون، لأنّ الإسلام جاء بالعدل وإعطاء كلّ ذي حق حقّه، ومن المعلوم أنّ المسلمين أعلى مكانة ومرتبة عند الله - عز وجل - فلا ينبغي أن يذلوا أنفسهم لغير المسلمين فيبدؤوهم بالسلام ".
وإذا كانت هناك حاجة داعية إلى بدء الكافر بالتحية جاز ذلك، قال ابن القيم رحمه الله تعالى في "زاد المعاد" (2/ 424) في ابتداء الكفار بالتحية: "و قالت طائفة - أي من العلماء -: يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون إليه، أو خوف من أذاه، أو لقرابة بينهما، أو لسبب يقتضي ذلك " اهـ.
أما معنى قوله: (إِنْ يَكُ سَيِّدَكُمْ) فقال صاحب عون المعبود: "قيل معناه: إن يك سيدا لكم فتجب عليكم طاعته، فإذا أطعتموه فقد أسخطتم ربكم، أو لا تقولوا لمنافق سيد، فإنكم إن قلتم ذلك فقد أسخطتم ربكم، فوضع الكون موضع القول تحقيقا له كذا في " المرقاة " ملخصا، وقال ابن الأثير: لا تقولوا للمنافق سيّد، فإنّه إن كان سيدكم وهو منافق، فحالكم دون حاله، والله لا يرضى لكم ذلك ".
السؤال الثامن عشر:
- هل إذا كان للمسلم أصدقاء كفّار في العمل أو غيره يطعن ذلك في مسألة الولاء والبراء؟ وما ضابط البراء حفظكم الله؟
الجواب:
لا يجوز اتخاذ أصدقاء من الكفار لأن في ذلك موالاة لهم، و المسلم يجب عليه بغض أعداء الله ويتبرأ منهم، قال الله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}.
وقال أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}، فكيف يليق بمسلم أن يصاحب عدو الله وعدوه ويصادقه؟!
¥