وأمام هذه الأصول الاعتقادية والحقائق الشرعية، فإن الدعوة إلى: (وحدة الأديان) إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام، لأنها تتصادم مع أصوله، فالإيمان بهذه الفكرة رضا بالكفر بالله، ويبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الكتب، ويبطل نسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع والأديان، وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعاً، محرمة قطعاً بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع.
لذلك أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى بهذا، وبينت فيه:
1 - أنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً، الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة، والتشجيع عليها، وتسليكها بين المسلمين، فضلاً عن الاستجابة لها، والدخول في مؤتمراتها وندواتها، والانتماء إلى محافلها.
2 - لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردَين، فكيف مع القرآن الكريم في غلاف واحد!! فمن فعل ذلك أو دعا إليه فهو في ضلال بعيد، لما في ذلك من الجمع بين الحق (القرآن الكريم) والمحرف أو الحق المنسوخ (التوراة والإنجيل).
3 - كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة: (بناء مسجد وكنيسة ومعبد) في مجمع واحد، لما في ذلك من الاعتراف بدين يعبد الله به غير دين الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة ولأهل الأرض التدين بأي منها، وأنها على قدم التساوي، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان، ولا شك أن إقرار ذلك أو اعتقاده أو الرضا به كفر وضلال؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين، واعتراف بأن تحريفات اليهود والنصارى هي من عند الله -تعالى الله عن ذلك -.
كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس (بيوت الله) وأن أهلها يَعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله؛ لأنها عبادة على غير دين الإسلام، والله تعالى يقول: ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ))، بل هي: بيوت يكفر فيها بالله، نعوذ بالله من الكفر وأهله.
السؤال الثاني و العشرون:
- تقام محافل الكفار، وخاصة الدينية منها كـ ( semana santa ) أي: (الأسبوع المقدس) حيث تحمل الصلبان والأصنام وغيرها، وتسير القوافل بها عبر الشوارع، فما حكم حضور مثل هذه المحافل بحجة التعرف على ثقافات البلدان وحب الاطلاع لا غير؟
الجواب:
إن العلماء قاطبة أجمعوا على لأنّ حضور أعياد الكفّار كبيرة من كبائر الذنوب، ومعصية لعلاّم الغيّوب، والأدلة على ذلك ما يلي:
1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان:72]، قال أئمّة التفسير كمحمّد ابن سيرين والرّبيع ابن أنس: " الزّور هو أعياد الكفّار".
2 - وروى أبو داود عَنْ ثَابِت بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: ((هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟))، قَالُوا: لَا، قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: ((هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟))، قَالُوا: لَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: ((أَوْفِ بِنَذْرِكَ، فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ)).
3 - روى أبو داود عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: ((مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)).
4 - من العهود التي أخذها عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أهل الذمة من النّصارى: (ألاّ يُظهروا أعيادهم وشعائرهم، وإلاّ فلا ذمة لهم)، فكيف يأتي اليوم المسلمون فيحضروا هذه الأعياد الكفرية أو يظهروها.
5 - وقال عمر رضي الله عنه: (لا تدخلوا على النّصارى يوم عيدهم، فإنّ السخط والغضب ينزل عليهم).
6 - وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: (من بنى بأرض العجم وشهد نيروزهم وعيدهم فمات فقد برئ من الإسلام).
¥